ولما كان موسى عليه السلام هو المقصود بالإرسال [إلى فرعون، استأنف تعالى الإخبار عن فرعون عندما فجئه ذلك فقال -]: قال أي فرعون للسحرة منكرا عليهم، [وأضمر اسمه هنا ولم يظهره كما في الأعراف لأن مقصود السورة الرفق بالمدعوين والحلم عنهم، وهو غير متأهل لذكر اسمه في هذا المقام -]: آمنتم أي بالله له أي مصدقين أو متبعين لموسى قبل أن آذن لكم في ذلك، إبهاما بأنه سيأذن [فيه ] ليقف الناس عن المبادرة إلى الاتباع بين خوف العقوبة ورجاء الإذن; ثم استأنف قوله معللا مخيلا لأتباعه صدا لهم عن الاقتداء بهم: إنه لكبيركم أي في العلم الذي علمكم السحر فلم تتبعوه لظهور الحق، بل لإرادتكم شيئا من المكر وافقتموه عليه قبل حضوركم [ ص: 312 ] في هذا الموطن، وهذا على عادته في تخييل أتباعه فيما يوقفهم عن اتباع الحق.
ولما خيلهم، شرع يزيدهم حيرة بتهديد السحرة فقال: فلأقطعن أي بسبب ما فعلتم أيديكم على سبيل التوزيع وأرجلكم أي من كل يدا ورجلا من خلاف فإذا قطعت اليد اليمنى قطعت الرجل اليسرى ولأصلبنكم [وعبر عن الاستعلاء بالظرف إشارة إلى تمكينهم من المصلوب فيه تمكين المظروف في ظرفه فقال -]: في جذوع النخل تبشيعا لقتلكم ردعا لأمثالكم ولتعلمن أينا أنا أو رب موسى الذي قال: إنه أوحى إليه أن العذاب على من كذب وتولى أشد عذابا وأبقى أي من جهة العذاب، أي أينا عذابه أشد وأطول زمانا.