فأجيب من كأنه قال : بماذا جوزوا ؟ بقوله : الله يستهزئ بهم أي يجازيهم على فعلهم بالاستدراج بأن يظهر لهم من أمره [ ص: 116 ] المرذي لهم ما لا يدركون وجهه فهو يجري عليهم في الدنيا أحكام أهل الإيمان ويذيقهم في الدارين أعلى هوان مجددا لهم ذلك بحسب استهزائهم ، وذلك أنكأ من شيء دائم توطن النفس عليه ، فلذلك عبر بالفعلية دون الاسمية مع أنها تفيد صحة التوبة لمن تاب دون الاسمية .
ويمدهم من المد بما يلبس عليهم . وقال : من المدد وهو مزيد متصل في الشيء من جنسه ، الحرالي في طغيانهم أي تجاوزهم الحد في الفساد . وقال : إفراط اعتدائهم حدود الأشياء ومقاديرها ، انتهى . وهذا المد بالإملاء لهم حال كونهم الحرالي يعمهون أي يخبطون خبط الذي لا بصيرة له أصلا . قال : من العمه وهو انبهام الأمور [ ص: 117 ] التي فيها دلالات ينتفع بها عند فقد الحس فلا يبقى له سبب يرجعه عن طغيانه ، فلا يتعدون حدا إلا عمهوا فلم يرجعوا عنه ، فهم أبدا متزايدو الطغيان . انتهى . الحرالي