فاستجبنا له أي أوجدنا الإجابة إيجاد من هو طالب لها تصديقا لظنه أن لن نعاقبه والآية تفهم أن شرط الكون مع من يظن الخير دوام الذكر وصدق الالتجاء، وقال "أنا عند ظن عبدي بي" الرازي في اللوامع: وشرط كل من يلتجئ إلى الله أن يبتدئ بالتوحيد ثم بالتسبيح والثناء ثم بالاعتراف والاستغفار والاعتذار، وهذا شرط كل دعاء - انتهى.
ولما كان التقدير: فخلصناه مما كان فيه، عطف عليه قوله، تنبيها [ ص: 467 ] على أنهما نعمتان لأن أمره مع صعوبته كان في غاية الغرابة: ونجيناه أي بالعظمة البالغة [تنجية عظيمة، وأنجيناه إنجاء عظيما -] من الغم الذي كان ألجأه إلى المغاضبة ومن غيره، قال الرازي : وأصل الغم الغطاء على القلب - انتهى. فألقاه الحوت على الساحل وأظله الله بشجرة القرع.
ولما كان هذا وما تقدمه أمورا غريبة، أشار إلى القدرة على أمثالها من جميع الممكنات، وأن ما فعله من إكرام أنبيائه عام لأتباعهم بقوله: وكذلك أي ومثل ذلك الإنجاء العظيم الشأن والتنجية ننجي أي بمثل ذلك من العظمة المؤمنين [إنجاء عظيما وننجيهم تنجية عظيمة، ذكر التنجية أولا يدل على مثلها ثانيا، وذكر الإنجاء ثانيا يدل على مثله أولا وسر ذلك الإشارة إلى شدة العناية بالمؤمنين لأنهم ليس لهم كصبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - بما أشار إليه بحديث "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل" "يبتلى المرء على قدر دينه" فيسلهم سبحانه من البلاء كما تسل الشعرة من العجين، فيكون ذلك مع السرعة في لطافة وهناء - بما أشارت إليه قراءة ابن عامر عن وأبي بكر رضي الله عنه بتشديد الجيم لإدغام النون الثانية فيه، أو يكون المعنى أن من دعا منهم بهذا الدعاء أسرع نجاته -]، فإن المؤمن [ ص: 468 ] متى حصلت له هفوة راجع ربه فنادى معترفا بذنبه هذا النداء، ولاسيما إن مسه بسوط الأدب، فبادر إليه الهرب. عاصم