واقترب الوعد الحق وهو حشر الأموات الذي يطابقه الواقع، إذا وجد قربا عظيما، كأن الوعد طالب له ومجتهد فيه.
ولما دلت صيغة "افتعل" على شدة القرب كما في الحديث أن الساعة إذ ذاك مثل الحامل المتم، علم أن التقدير جوابا لإذا: كان ذلك الوعد فقام الناس من قبورهم: فإذا هي شاخصة أي واقفة جامدة لا تطرف لما دهمهم من الشدة، [ويجوز -] وهو أقرب - أن تكون "إذا" هذه الفجائية [هي جواب "إذا" الشرطية، وهي تقع في المجازات سادة مسد الفاء، فإذا جاءت الفاء معها متفاوتة على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد، فالمعنى -]: إذا كان الفتح ووقع ما تعقبه فاجأت الشخوص أبصار الذين كفروا أي منهم، لما بدا لهم ما لم يكونوا يحتسبونه من [ ص: 482 ] الأهوال، قائلين: يا ويلنا أي حضرنا الويل فهو نديمنا فلا مدعو لنا غيره قد كنا أي في الدنيا في غفلة من هذا أي مبتدئة من اعتقاد هذا البعث فكنا نكذب به فعمتنا الغفلة.
ولما كان من الوضوح في الدلائل والرسوخ في الخواطر بحيث لا يجهله أحد، أضربوا عن الغفلة فقالوا: بل كنا ظالمين أي بعدم اعتقاده واضعين الشيء في غير موضعه حيث أعرضنا عن تأمل دلائله، والنظر في مخايله، وتقبل كلام الرسل فيه، فأنكرنا ما هو أضوأ من الشمس.