ولما أتم سبحانه قصة الأب الأعظم الأقرب ، أتبعها -دلالة على وصفي العزة والرحمة- قصة الأب الثاني ، مقدما لها على غيرها ، لما له من القدم في الزمان ، إعلاما بأن البلاء قديم ، ولأنها أدل على صفتي الرحمة والنقمة التي هي أثر العزة بطول الإملاء لهم على طول مدتهم ، ثم تعميم النقمة مع كونهم جميع أهل الأرض فقال : كذبت بإثبات التاء اختيارا للتأنيث -وإن كان تذكير القوم أشهر- للتنبيه على أن فعلهم أخس الأفعال ، [أو إلى أنهم مع عتوهم وكثرتهم كانوا عليه سبحانه أهون شيء وأضعفه بحيث جعلهم هباء منثورا وكذا من بعدهم] قوم نوح وهو أهل الأرض كلهم من الآدميين قبل اختلاف الأمم بتفرق اللغات المرسلين أي : بتكذيبهم نوحا عليه السلام ، لأنه أقام الدليل على نبوته بالمعجزة ، لتساوي أقدامها في الدلالة على صدق الرسول ، وقد سئل ومن كذب بمعجزة واحدة فقد كذب بجميع المعجزات رحمه الله تعالى عن ذلك فقال : الحسن البصري لأن الآخر جاء بما جاء به الأول حكاه عنه من كذب واحدا من الرسل فقد كذب الكل . البغوي