ولما كان التقدير كما أرشد إليه السياق لمن يسأل عن سبب فعله هذا العجيب : يريد بذلك زعم دوام ملكه بأن لا يسلبه إياه واحد منهم أخبره بعض علمائه أنه يغلبه عليه ويستنقذ شعبه من العبودية ، عطف عليه قوله يحكي تلك الحال الماضية : ونريد أو هي حالية ، أي : يستضعفهم والحال أنا نريد في المستقبل أن نقويهم. أي : يريد دوام استضعافهم حال إرادتنا ضده من أنا نقطع ذلك بإرادة أن نمن أي : نعطي بقدرتنا وعلمنا ما يكون جديرا بأن نمتن به [ ص: 241 ] على الذين استضعفوا أي : حصل استضعافهم وهان هذا الفعل الشنيع ولم يراقب فيهم مولاهم في الأرض أي : أرض مصر [فذلوا وأهينوا ، ونريهم في أنفسهم وأعدائهم وفق ما يحبون وفوق ما يأملون] ونجعلهم أئمة أي : مقدمين في الدين والدنيا ، علماء يدعون إلى الجنة عكس ما يأتي من عاقبة آل فرعون ، وذلك مع تصييرنا لهم أيضا بحيث يصلح كل واحد منهم لأن يقصد للملك بعد كونهم مستعبدين في غاية البعد عنه ونجعلهم بقوتنا وعظمتنا الوارثين أي : لملك مصر لا ينازعهم فيه أحد من القبط ، ولكل بلد أمرناهم بقصدها ، وهذا إيذان بإهلاك الجميع.