ولما بشر بتمليكهم في سياق دال على مكنتهم ، صرح بها فقال : ونمكن أي : نوقع التمكين لهم في الأرض أي : كلها لا سيما أرض مصر والشام ، بإهلاك أعدائهم وتأييدهم بكليم الله ، ثم بالأنبياء من بعده عليهم الصلاة والسلام بحيث نسلطهم بسببهم على من سواهم بما نؤيدهم به من الملائكة ونظهر لهم من الخوارق.
ولما ذكر التمكين ، ذكر أنه مع مغالبة الجبابرة إعلاما بأنه أضخم تمكين فقال [عاطفا على نحو : ونريد أن نأخذ الذين علوا في الأرض وهم فرعون وهامان وجنودهما] : ونري أي : بما لنا من العظمة فرعون أي : الذي كان [هذا] الاستضعاف منه وهامان [ ص: 242 ] وزيره وجنودهما الذين كانا يتوصلان بهم إلى ما يريدانه من الفساد منهم أي : المستضعفين ما كانوا أي : بجد عظيم منهم كأنه غريزة يحذرون أي : يجددون حذره في كل حين على الاستمرار بغاية الجد والنشاط من ذهاب ملكهم بمولود منهم وما يتبع ذلك ، قال : والحذر : التوقي من الضرر. [والآية من الاحتباك : ذكر الاستضعاف أولا دليلا على القوة ثانيا ، وإرادة المحذور ثانيا دليلا على إرادة المحبوب أولا ، وسر ذلك أنه ذكر المسلى والمرجى ترغيبا في الصبر وانتظام الفرج ].
البغوي