ولما كانت نتيجة سماعهم لهذه الأدلة استهزاءهم حتى بسؤالهم عن يوم الفتح، وأجابهم سبحانه عن تعيينه بذكر حاله، وكان صلى الله عليه وسلم لشدة حرصه على نفعهم ربما أحب إعلامهم بما طلبوا وإن كان يعلم أن ذلك [منهم] استهزاء رجاء أن ينفعهم نفعا ما، سبب سبحانه عن إعراضه عن إجابتهم، أمره لهذا الداعي الرفيق والهادي الشفيق بالإعراض عنهم أيضا، فقال مسليا له مهددا لهم:
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_30614_29003nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=30فأعرض عنهم [أي] غير مبال بهم وإن اشتد أذاهم
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=30وانتظر أي ما نفعل بهم مما فيه إظهار أمرك وإعلاء دينك، ولما كان الحال مقتضيا لتردد السامع في حالهم هل هو الانتظار، أجيب على سبيل التأكيد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=30إنهم منتظرون أي ما يفعل بك وما يكون من عاقبة أمرك فيما تتوعدهم به وفي غيره، وقد انطبق آخرها على أولها بالإنذار بهذا
[ ص: 272 ] الكتاب، وأعلم بجلالته وجزالته وشدته وشجاعته أنه ليس فيه نوع ارتياب، وأيضا فأولها في التكذيب بتنزيله، وآخرها في الاستهزاء بتأويله،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=53يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل - الآية، وأيضا فالأول في التكذيب بإنزال الروح المعنوي، والآخر في التكذيب بإعادة الروح العيني الحسي الذي ابتدأه أول مرة والله الهادي إلى الصواب.
وَلَمَّا كَانَتْ نَتِيجَةُ سَمَاعِهِمْ لِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ اسْتِهْزَاءَهُمْ حَتَّى بِسُؤَالِهِمْ عَنْ يَوْمِ الْفَتْحِ، وَأَجَابَهُمْ سُبْحَانَهُ عَنْ تَعْيِينِهِ بِذِكْرِ حَالِهِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى نَفْعِهِمْ رُبَّمَا أَحَبَّ إِعْلَامَهُمْ بِمَا طَلَبُوا وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ [مِنْهُمْ] اسْتِهْزَاءً رَجَاءَ أَنْ يَنْفَعَهُمْ نَفْعًا مَا، سَبَّبَ سُبْحَانَهُ عَنْ إِعْرَاضِهِ عَنْ إِجَابَتِهِمْ، أَمْرَهُ لِهَذَا الدَّاعِي الرَّفِيقِ وَالْهَادِي الشَّفِيقِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ أَيْضًا، فَقَالَ مُسَلِّيًا لَهُ مُهَدِّدًا لَهُمْ:
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_30614_29003nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=30فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ [أَيْ] غَيْرَ مُبَالٍ بِهِمْ وَإِنِ اشْتَدَّ أَذَاهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=30وَانْتَظِرْ أَيْ مَا نَفْعَلُ بِهِمْ مِمَّا فِيهِ إِظْهَارُ أَمْرِكَ وَإِعْلَاءِ دِينِكَ، وَلَمَّا كَانَ الْحَالُ مُقْتَضِيًا لِتَرَدُّدِ السَّامِعِ فِي حَالِهِمْ هَلْ هُوَ الِانْتِظَارُ، أُجِيبَ عَلَى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=30إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ أَيْ مَا يُفْعَلُ بِكَ وَمَا يَكُونُ مِنْ عَاقِبَةِ أَمْرِكَ فِيمَا تَتَوَعَّدُهُمْ بِهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَقَدِ انْطَبَقَ آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا بِالْإِنْذَارِ بِهَذَا
[ ص: 272 ] الْكِتَابِ، وَأَعْلَمَ بِجَلَالَتِهِ وَجَزَالَتِهِ وَشِدَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَوْعُ ارْتِيَابٍ، وَأَيْضًا فَأَوَّلُهَا فِي التَّكْذِيبِ بِتَنْزِيلِهِ، وَآخِرُهَا فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِتَأْوِيلِهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=53يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ - الْآيَةُ، وَأَيْضًا فَالْأَوَّلُ فِي التَّكْذِيبِ بِإِنْزَالِ الرُّوحِ الْمَعْنَوِيِّ، وَالْآخِرُ فِي التَّكْذِيبِ بِإِعَادَةِ الرُّوحِ الْعَيْنِيِّ الْحِسِّيِّ الَّذِي ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَاللَّهُ الْهَادِي إِلَى الصَّوَابِ.