ولما سلاه بوعده النصرة المسببة عن علم المرسل القادر ، وبأن [ ص: 98 ] تكذيبهم إنما هو له - سبحانه - وهو مع ذلك يصبر عليهم ويحلم عنهم ، بل ويحسن إليهم بالرزق والمنافع - زاده أن ذلك سنة في إخوانه من الرسل ، فقال : ولقد ولما كان المنكي هو التكذيب لا كونه من معين ، بني للمفعول قوله : كذبت رسل
ولما كان تكذيبهم لم يستغرق الزمان ، [وكان الاشتراك في شيء يهونه ، وكلما قرب الزمان كان أجدر بذلك] أدخل الجار ، فقال : من قبلك بأن جحد قومهم ما يعرفون من صدقهم وأمانتهم كما فعل بك فصبروا أي : فتسـبب عن تكذيب قومهم لهم أنهم صبروا على ما كذبوا وأوذوا أي : فصبروا أيضا على ما أوذوا ، ثم أشار إلى الوعد بالنصر بشرط الصبر فقال : حتى أي : وامتد صبرهم حتى أتاهم نصرنا أي : فليكن لك بهم أسوة ، وفيهم مسلاة ، فاصبر حتى يأتيك النصر كما أتاهم ، فقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون في قولنا : فإن حزب الله هم الغالبون ولا مبدل لكلمات الله أي : لأن له جميع العظمة فلا كفؤ له ، ودل - سبحانه - على صعوبة مقام الصبر جدا بالتأكيد ، فقال : ولقد جاءك ودل على عظيم ما تحملوا بقوله : من نبإ المرسلين أي : خبرهم العظيم في صبرهم واحتمالهم وطاعتهم وامتثالهم ورفقهم بمن أرسلوا إليهم ونصرنا لهم على من بغى عليهم ، ومجيء نبئهم تقدم إجمالا وتفصيلا ، أما إجمالا ففي مثل قوله [ ص: 99 ] وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم وأما تفصيلا ففي ذكر موسى وعيسى وغيرهما; وفي قوله فصبروا أدل دليل على ما تقدم من أن النهي عن الحزن نهي عن تابعه المؤدي إلى عدم الصبر ، والتعبير بمن التبعيضية تهويل لما لقوا ، فهو أبلغ في التعزية .