و الحال أنه وكذب به أي : هذا العذاب [ ص: 145 ] أو القرآن المشتمل على الوعد والوعيد والأسباب المبينة للخلق جميع ما ينفعهم ليلزموه وما يضرهم ليحذروه قومك أي : الذين من حقهم أن يقوموا بجميع أمرك ويسروا بسيادتك ؛ فإن القبيلة إذا ساد أحدها عزت به ، فإن عزه عزها وشرفه شرفها ، ولا سيما إذا كان من بيت الشرف ومعدن السيادة ، وإذا سفل أحدها اهتمت به غاية الاهتمام وسترت عيوبه مهما أمكنها فإن عاره لاحق بها ، فهو من عظيم التوبيخ لهم ودقيق التقريع ، وزاد ذلك بقوله : وهو أي : والحال أنه الحق أي : الثابت الذي لا يضره التكذيب به ولا يمكن زواله .
ولما كان الإنسان ربما حصل له اللوم بسبب قومه كان - صلى الله عليه وسلم - في هذا المقام بمعرض أن يخاف عاقبة ذلك ويقول : فماذا أصنع بهم ؟ فقال - تعالى - معلما : إنه ليس عليه بأس من تكذيبهم : قل لست وقدم الجار والمجرور للاهتمام به معبرا بالأداة الدالة على القهر والغلبة ، فقال : عليكم بوكيل أي : حفيظ ورقيب لأقهركم على الرد عما أنتم فيه .