ولما أخبر أنهم لا يؤمنون عند آية مقترحة عمم على وجه مفصل لإجمال ما قبله فقال : [ ص: 231 ] ولو أننا أي : على عظمتنا البالغة بما أشار إليه جمع النونات نـزلنا أي : على وجه يليق بعظمتنا إليهم الملائكة أي : كلهم فرأوهم عيانا وكلمهم الموتى أي : كذلك وحشرنا عليهم أي : [بما] لنا من العظمة كل شيء قبلا جمع قبيل جمع قبيلة [في قراءة من ضم القاف والباء كرغيف ورغف] ، أي : جاءهم ذلك المحشور كله قبيلة [قبيلة] تترى ومواجهة ما كانوا ليؤمنوا أي : على حال من الأحوال إلا أن يشاء الله أي : إلا حال مشيئته لإيمانهم لأنه الملك الأعلى الذي لا أمر لأحد معه ، فإذن ، فالآية دامغة لأهل القدر ، ولا مدخل لآية ولا غيرها في ذلك ، فلا يطمع أحد في إيمانهم بغير ذلك ، ويقرب عندي - وإن بعد المدى - أن يكون لا عبرة إلا بمشيئته وأقسموا معطوفا على قوله تعالى : وقالوا لولا نـزل عليه آية من ربه وهذا من المتعارف في كلام البلغاء أن يحكي الإنسان جملة من كلام خصمه ، ثم يشرع في توهينها ، ويخرج إلى أمور - يجرها المقام - كثيرة الأنواع طويلة الذيول جدا ، ثم يحكي جملة أخرى فيقول معجبا منه : وقال كذا وكذا ، ثم يشرع فيما يتعلق بذلك من النقد والرد ، ومما يؤيد ذلك توحيد ختمهما ، فختم الأولى
ولكن أكثرهم لا يعلمون وختم هذه ولكن أكثرهم يجهلون أي : أهل جهل [ ص: 232 ] مطبوعون فيه ، يقسمون على الإيمان عند مجيء آية مقترحة ولا يشعرون أن المانع لهم من الإيمان إنما هو المشيئة وإلا لآمنوا بما جاءهم من الآيات ، فإنه كفاية في المبادرة إلى الإيمان ، والآيات كلها متساوية الأقدام في الدلالة على صدق الداعي بخرق العادة والعجز عن الإتيان بمثلها .