ولما كان التقدير : ذرهم لتعرض عنهم قلوب الذين يؤمنون بالآخرة [ ص: 234 ] وليسخطوه ، وليعلموا ما هم له مبصرون [و] به عارفون ، فترفع بذلك درجاتهم - عطف عليه قوله : ولتصغى أي : تميل ميلا قويا تعرض به إليه أي : كذبهم وما في حيزه أفئدة أي : قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة أي : ليس في طبعهم الإيمان بها لأنها غيب ، وهم لبلادتهم واقفون مع الوهم ، ولذلك استولت عليهم الدنيا التي هي أصل الغرور وليرضوه أي : بما تمكن من ميلهم إليه وليقترفوا أي : يفعلوا بجهدهم ما هم مقترفون وهذه الجمل - كما نبه عليه أبو حيان - على غاية الفصاحة ؛ لأنه أولا يكون الخداع فيكون الميل فيكون الرضى فيكون فعل الاقتراف ، فكأن كل واحد مسبب عما قبله .