ولما كان مما يقبل في نفسه - في الجملة - أن يذكر اسم الله عليه - ما يحرم لكونه ملكا للغير أو فيه شبهة ، نهى عنه على وجه يعم غيره ، فقال عطفا على ( فكلوا وذروا أي : اتركوا على أي حالة اتفقت وإن كنتم تظنونها غير صالحة ظاهر الإثم أي : المعلوم الحرمة من هذا وغيره وباطنه من كل ما فيه شبهة من الأقوال والأفعال والعقائد ، فإن الله جعل له في القلب علامة ، وهو أن يضطرب عنده [ ص: 245 ] ولا يسكن كما قال - صلى الله عليه وسلم - : - أخرجه ( والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر) عن مسلم النواس بن سمعان - رضي الله عنه - ثم علل ذلك بقوله : إن الذين يكسبون الإثم أي : ولو بأخفى أنواع الكسب ، بما دل عليه تجريد الفعل ، وهو الاعتقاد للاسم الشريف .
[ولما كان العاقل من خاف من مطلق الجزاء بني للمفعول قوله] : سيجزون أي : بوعد لا خلف فيه بما أي : بسبب ما كانوا بفاسد جبلاتهم يقترفون أي : يكتسبون اكتسابا يوجب الفرق وهو أشد الخوف ويزيل الرفق ، وصيغة الافتعال للدلالة على أن أفعال الشر إنما تكون بمعالجة من النفس للفطرة الأولى السليمة .