وواو "طوبى" منقلبة عن ياء لأنها من الطيب، وإنما قلبت لأجل الضمة قبلها كموسر وموقن من اليسر واليقين. واختلفوا فيها: فقيل: هي اسم مفرد مصدر كبشرى ورجعى، من طاب يطيب. وقيل: بل هي جمع "طيبة" كما قالوا: كوسى في جمع كيسة، وضوقى في جمع ضيقة. ويجوز أن يقال: "طيبى" بكسر الفاء، وكذلك الكيسى والضيقى. وهل هي اسم لشجرة بعينها أو اسم للجنة بلغة الهند أو الحبشة؟ خلاف مشهور.
وجاز الابتداء بـ "طوبى": إما لأنها علم لشيء بعينه، وإما لأنها نكرة في معنى الدعاء كـ "سلام عليك" و "ويل له"، كذا قال وقال سيبويه. ابن مالك: "إنه [ ص: 48 ] يلزم رفعها بالابتداء، ولا تدخل عليها نواسخه". وهذا يرد عليه: أن بعضهم جعلها في الآية منصوبة بإضمار فعل، أي: وجعل لهم طوبى، وقد يتأيد ذلك بقراءة "وحسن مآب" بنصب النون. قال: "إنه معطوف على "طوبى"، وإنها في موضع نصب". قال عيسى الثقفي: "وطوبى على هذا مصدر كما قالوا: سقيا". وخرج هذه القراءة صاحب "اللوامح" على النداء كـ ثعلب: يا أسفى على الفوت، يعني أن "طوبى" تضاف للضمير، واللام مقحمة، كقوله:
2854 ... ... ... ... يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام
و [قوله]: 2855 - يا بوس للحرب التي وضعت أراهط فاستراحوا
[ ص: 49 ] وقرأ مكوزة الأعرابي "طيبى" بكسر الطاء لتسلم الياء نحو: بيض ومعيشة.
وقرئ: "وحسن مآب" بفتح النون ورفع "مآب" على أنه فعل ماض، أصله "حسن" فنقلت ضمة العين إلى الفاء قصدا للمدح، كقولهم:
2856 - ... ... ... ... حسن ذا أدبا