1639 - وكل أخ مفارقه أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان
إلا أن رد هذا القول بأن مثل ذلك لا يجوز، إلا إذا تقدمه استثناء آخر، فيكون الثاني عطفا عليه، كقوله: الفراء
1640 - ما بالمدينة دار غير واحدة دار الخليفة إلا دار مروانا
وهذا رأي ، وأما غيره فيزعم أن "إلا" تكون عاطفة بمعنى الواو من غير شرط، وقد تقدم تحقيق هذا في قوله: الفراء لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين .
والجمهور قرأ: "خطأ" مهموزا بوزن "نبإ"، والزهري: "خطأ" بوزن "عصا"، وفيها تخريجان، أحدهما: أنه حذف لام الكلمة تخفيفا، كما حذفوا لام "دم، ويد، وأخ" وبابها. والثاني: أنه خفف الهمزة بإبدالها ألفا، فالتقت مع [ ص: 71 ] التنوين، فحذفت لالتقاء الساكنين، كما يفعل ذلك بسائر المقصور، قرأ: "خطأ" بوزن "سماء". والحسن
قوله: فتحرير الفاء جواب الشرط، أو زائدة في الخبر إن كانت "من" بمعنى الذي، وارتفاع "تحرير": إما على الفاعلية؛ أي: فيجب عليه تحرير، وإما على الابتدائية والخبر محذوف؛ أي: فعليه تحرير، أو بالعكس؛ أي: فالواجب تحرير. والدية في الأصل مصدر، ثم أطلق على المال المأخوذ في القتل؛ ولذلك قال: "مسلمة إلى أهله"، والفعل لا يسلم بل الأعيان، تقول: ودى يدي دية ووديا، كوشى يشي شية، فحذفت فاء الكلمة، ونظيره في الصحيح اللام "زنة، وعدة". و "إلى أهله" متعلق بـ "مسلمة"، تقول: سلمت إليه كذا، ويجوز أن يكون صفة لـ "مسلمة"، وفيه ضعف. و "خطأ" في قوله: ومن قتل مؤمنا خطأ منصوب؛ إما على المصدر؛ أي: قتلا خطأ، وإما على أنه مصدر في موضع الحال؛ أي: ذا خطأ أو خاطئا.
قوله: إلا أن يصدقوا فيه قولان، أحدهما: أنه استثناء منقطع. والثاني: أنه متصل، قال فإن قلت: بم تعلق "أن يصدقوا" وما محله ؟ قلت: تعلق بـ "عليه" أو بـ "مسلمة"، كأنه قيل: وتجب عليه الدية أو يسلمها إلا حين يتصدقون عليه، ومحلها النصب على الظرف بتقدير حذف الزمان، كقولهم: اجلس ما دام زيد جالسا، ويجوز أن يكون حالا من "أهله" بمعنى: إلا متصدقين. وخطأه الشيخ في هذين التخريجين، أما الأول فلأن النحويين نصوا على منع قيام "أن" وما بعدها مقام الظرف، وأن ذلك ما تختص به "ما" المصدرية، لو قلت: آتيك أن يصيح الديك؛ أي: وقت صياحه، لم يجز. وأما الثاني فنص الزمخشري: على منعه أيضا، قال في قول [ ص: 72 ] العرب: "أنت الرجل أن تنازل، أو أن تخاصم"؛ أي: أنت الرجل نزالا ومخاصمة: إن انتصاب هذا انتصاب المفعول من أجله؛ لأن المستقبل لا يكون حالا، فكونه منقطعا هو الصواب. وقال سيبويه وقيل: هو متصل، ، والمعنى: فعليه دية في كل حال، إلا في حال التصدق عليه بها. أبو البقاء:
والجمهور على "يصدقوا" بتشديد الصاد، والأصل يتصدقوا، فأدغمت التاء في الصاد. ونقل عن هذا الأصل قراءة، وقرأ أبي في رواية أبو عمرو عبد الوراث - وتعزى للحسن وأبي عبد الرحمن -: "تصدقوا" بتاء الخطاب، والأصل: تتصدقوا بتاءين، فأدغمت الثانية. وقرئ: "تصدقوا" بتاء الخطاب وتخفيف الصاد، وهي كالتي قبلها، إلا أن تخفيف هذه بحذف إحدى التاءين: الأولى أو الثانية على خلاف في ذلك، وتخفيف الأولى بالإدغام.
قوله: فمن لم يجد مفعوله محذوف؛ أي: فمن لم يجد رقبة، وهي بمعنى وجدان الضال، فلذلك تعدت لواحد. وقوله: فصيام شهرين ارتفاعه على أحد الأوجه المذكورة في قوله: فتحرير رقبة وقد مر. أي: فعليه صيام، أو فيجب عليه صيام، أو فواجبه صيام. قال ويجوز في غير القرآن النصب على "فليصم صوم شهرين". وفيه نظر؛ لأن الاستعمال المعروف في ذلك أن يقال: صمت شهرين ويومين، ولا يقولون: صمت صوم - ولا صيام - شهرين. أبو البقاء:
قوله: "توبة" في نصبه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه مفعول من أجله، تقديره: شرع ذلك توبة منه. قال أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون العامل [ ص: 73 ] "صوم" إلا على حذف مضاف؛ أي: لوقوع توبة أو لحصول توبة، يعني: أنه إنما احتاج إلى تقدير ذلك المضاف، ولم يقل: إن العامل هو الصيام؛ لأنه اختل شرط من شروط نصبه؛ لأن فاعل الصيام غير فاعل التوبة. الثاني: أنها منصوبة على المصدر؛ أي: رجوعا منه إلى التسهيل، حيث نقلكم من الأثقل إلى الأخف، أو توبة منه؛ أي: قبولا منه، من تاب عليه إذا قبل توبته، فالتقدير: تاب عليكم توبة. الثالث: أنها منصوبة على الحال، ولكن على حذف مضاف تقديره: فعليه كذا حال كونه صاحب توبة، ولا يجوز ذلك من غير تقدير هذا المضاف؛ لأنك لو قلت: فعليه صيام شهرين تائبا من الله، لم يجز. "ومن الله" في محل نصب؛ لأنه صفة لـ "توبة"، فيتعلق بمحذوف.