الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. ( 101 ) قوله تعالى: أن تقصروا هذا على حذف الخافض؛ أي: في أن تقصروا، فيكون في محل "أن" الوجهان المشهوران، وهذا الجار يتعلق بلفظ "جناح"؛ أي: فليس عليكم جناح في قصر الصلاة. والجمهور على "تقصروا" من "قصر" ثلاثيا. وقرأ ابن عباس : "تقصروا" من "أقصر" وهما لغتان: قصر وأقصر، حكاهما الأزهري، وقرأ الضبي عن رجاله بقراءة ابن عباس. وقرأ الزهري : "تقصروا" مشددا على التكثير. قوله: "من الصلاة" في "من" وجهان، أظهرهما: أنها تبعيضية، وهذا معنى قول أبي البقاء وزعم أنه مذهب سيبويه، وأنها صفة لمحذوف تقديره: شيئا من الصلاة. والثاني: أنها زائدة، وهذا رأي الأخفش، فإنه لا يشترط في زيادتها شيئا. و "أن يفتنكم" مفعول "خفتم". وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي : "من الصلاة أن يفتنكم" بإسقاط الجملة الشرطية، و "أن يفتنكم" على هذه القراءة مفعول من أجله، ولغة الحجاز: "فتن" ثلاثيا، وتميم وقيس: "أفتن" رباعيا.

                                                                                                                                                                                                                                      و "لكم" متعلق بمحذوف؛ لأنه حال من "عدوا"، فإنه في الأصل صفة [ ص: 84 ] نكرة، ثم قدم عليها، وأجاز أبو البقاء أن يتعلق بـ "كان"، وفي المسألة خلاف مر تفصيله. وأفرد "عدوا" وإن كان المراد به الجمع لما تقدم تحقيقه في البقرة، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله. وقيل: الكلام تم عند قوله: "من الصلاة"، والجملة الشرطية مستأنفة، حتى قيل: إنها نزلت بعد سنة من نزول ما قبلها، وحينئذ فجوابه أيضا محذوف، لكن يقدر من جنس ما بعده، وهذا قول ضعيف، وتأخير نزولها لا يقتضي استئنافا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية