آ. ( 91 ) قوله تعالى: في الخمر فيه أربعة أوجه، أحدها: أنه متعلق بـ "يوقع"؛ أي: يوقع بينكم هذين الشيئين في الخمر؛ أي: بسبب شربها، و "في" تفيد السببية، كقوله عليه السلام: " ". الثاني: أنها متعلقة بالبغضاء؛ لأنه مصدر معرف بأل. الثالث: أنه متعلق بـ "العداوة". وقال إن امرأة دخلت النار في هرة : ويجوز أن تتعلق "في" بالعداوة [ ص: 414 ] أو بـ "البغضاء"؛ أي: أن تتعادوا وأن تتباغضوا بسبب شرب الخمر. وعلى هذا الذي ذكره تكون المسألة من باب التنازع، وهو الوجه الرابع، إلا أن في ذلك إشكالا، وهو أن من حق المتنازعين أن يصلح كل منهما للعمل، وهذا العامل الأول وهو العداوة، لو سلط على المتنازع فيه لزم الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي وهو المعطوف، وقد يقال: إنه في بعض صور التنازع يلتزم إعمال الثاني، وذلك في فعلي التعجب إذا تنازعا معمولا فيه، وقد تقدم هذا مشبعا في البقرة. أبو البقاء
قوله: فهل أنتم منتهون هذا الاستفهام فيه معنى الأمر؛ أي: انتهوا، ولذلك لما فهم الأمرية، قال: "انتهينا يا رب انتهينا يا رب"، ويدل على ذلك أيضا عطف الأمر الصريح عليه في قوله: عمر بن الخطاب "وأطيعوا"، كأنه قيل: انتهوا عن شرب الخمر وعن كذا وأطيعوا، فمجيء هذه الجملة الاستفهامية المصدرة باسم مخبر عنه باسم فاعل دال على ثبوت النهي واستقراره، أبلغ من صريح الأمر. قال : فإن قلت: لم جمع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخرا ؟ قلت: لأن الخطاب مع المؤمنين، وإنما نهاهم عما كانوا يتعاطونه من شرب الخمر، واللعب بالميسر، وذكر الأنصاب والأزلام؛ لتأكيد تحريم الخمر والميسر، وإظهار أن ذلك جميعا من أعمال أهل الجاهلية وأهل الشرك. انتهى. ويظهر شيء آخر، وهو أنه لم يفرد الخمر والميسر بالذكر آخرا، بل ذكر معهما شيئا يلزم منه عدم الأنصاب والأزلام، فكأنه ذكر الجميع آخرا، بيانه أنه قال: في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله، بعبادة الأنصاب، أو بالذبح عليها للأصنام على حسب ما تقدم تفسيره أول السورة، و "عن الصلاة" باشتغالكم بالأزلام، وقد تقدم تفسيرها أيضا، فذكر الله والصلاة منبهان على الأنصاب والأزلام، وهذا وجه حسن. [ ص: 415 ] الزمخشري