والكعبة لغة: كل بيت مربع، وسميت الكعبة كعبة لذلك، وأصل اشتقاق ذلك من الكعب الذي هو أحد أعضاء الآدمي. قال "كعب الرجل": [ العظم ] الذي عند ملتقى الساق والقدم، والكعبة كل بيت على هيئتها في التربيع، وبها سميت الكعبة، وذو الكعبات: بيت كان في الجاهلية الراغب: لبني ربيعة، وامرأة كاعب: تكعب ثدياها ، وقد تقدم القول في هذه المادة أول السورة.
والجمهور قرأوا هنا: "قياما" بألف بعد الياء، "قيما" دون ألف بزنة "عنب"، والقيام هنا يحتمل أن يكون مصدرا لـ "قام - يقوم"، والمعنى: أن الله جعل الكعبة سببا لقيام الناس إليها؛ أي: لزيارتها والحج إليها، أو لأنها يصلح عندها أمر دينهم ودنياهم، فيها يقومون، ويجوز أن يكون القيام بمعنى القوام، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، كذا قال وابن عامر: وفيه نظر؛ إذ لا موجب لإعلاله، إذ هو كـ "السواك"، فينبغي أن يقال: إن القيام والقوام بمعنى واحد، قال: الواحدي،
1812 - قوام دنيا وقوام دين
فأما إذا دخلها تاء التأنيث لزمت الياء، نحو: "القيامة". وأما قراءة [ ص: 433 ] فاستشكلها بعضهم بأنه لا يخلو: إما أن يكون مصدرا على فعل، وإما أن يكون على فعال، فإن كان الأول فينبغي أن تصح الواو كـ "حول" و "عور"، وإن كان الثاني فالقصر لا يأتي إلا في شعر. وقرأ ابن عامر الجحدري: "قيما" بتشديد الياء، وهو اسم دال على ثبوت الصفة، وقد تقدم تحقيقه أول النساء.
قوله: والشهر الحرام والهدي والقلائد عطف على "الكعبة"، والمفعول الثاني أو الحال محذوف لفهم المعنى؛ أي: جعل الله أيضا الشهر والهدي والقلائد قياما. و "ذلك" فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الحكم الذي حكمناه ذلك لا غيره. والثاني: أنه مبتدأ وخبره محذوف؛ أي: ذلك الحكم هو الحق لا غيره. الثالث: أنه منصوب بفعل مقدر يدل عليه السياق؛ أي: شرع الله ذلك، وهذا أقواها لتعلق لام العلة به. و "تعلموا" منصوب بإضمار "أن" بعد لام كي، لا بها. و "أن الله" وما في حيزها سادة مسد المفعولين، أو أحدهما على حسب الخلاف المتقدم. و وأن الله بكل شيء عليم نسق على "أن" قبلها.