إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا .
قوله تعالى: " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها " فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنهم الرجال، رواه عن سعيد بن جبير والثاني: العلماء، [ ص: 106 ] رواه ابن عباس . عن مجاهد فعلى هذين القولين تكون " ما " في موضع ( من ); لأنها في موضع إبهام، قاله ابن عباس . والثالث: أنه ما عليها من شيء، قاله ابن الأنباري . والرابع: النبات والشجر، قاله مجاهد . وقول مقاتل . أعم، يدخل فيه النبات، والماء، والمعادن، وغير ذلك . مجاهد
فإن قيل: قد نرى بعض ما على الأرض سمجا وليس بزينة .
فالجواب: أنا إن قلنا: إن المراد [ به ] شيء مخصوص، فالمعنى: إنا جعلنا بعض ما على الأرض زينة لها، فخرج مخرج العموم ومعناه الخصوص . وإن قلنا: هم الرجال أو العلماء، فلعبادتهم أو لدلالتهم على خالقهم . وإن قلنا: النبات والشجر ; فلأنه زينة لها تجري مجرى الكسوة والحلية . وإن قلنا: إنه عام في كل ما عليها، فلكونه دالا على خالقه، فكأنه زينة الأرض من هذه الجهة .
قوله تعالى: " لنبلوهم " ; أي: لنختبر الخلق، والمعنى: لنعاملهم معاملة المبتلى . قال من قال: إن " ابن الأنباري: ما على الأرض " يعني به: النبات، قال: الهاء والميم ترجع إلى سكان الأرض المشاهدين للزينة، ومن قال: " ما على الأرض " الرجال، رد الهاء والميم على " ما " ; لأنها بتأويل الجميع، ومعنى الآية: لنبلوهم فنرى أيهم أحسن عملا، هذا أم هذا . قال أيهم أزهد في الدنيا . وقد ذكرنا في هذه الآية أربعة أقوال في سورة ( هود: 7 ) . ثم أعلم الخلق أنه يفني جميع ذلك، فقال تعالى: " الحسن: وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا " قال الصعيد: الطريق الذي لا نبات فيه . وقال الزجاج: قال اللغويون: الصعيد: التراب ووجه الأرض . فأما الجرز فقال ابن الأنباري: أهل الفراء: الحجاز يقولون: أرض جرز وجرز، وأسد تقول: جرز وجرز، وتميم تقول: أرض جرز وجرز بالتخفيف . وقال أبو عبيدة: الصعيد الجرز: الغليظ الذي لا ينبت شيئا . ويقال للسنة [ ص: 107 ] المجدبة: جرز، وسنون أجراز ; لجدوبتها وقلة مطرها، وأنشد:
قد جرفتهن السنون الأجراز .
وقال الجرز: الأرض التي لا ينبت فيها شيء، كأنها تأكل النبت أكلا . وقال الزجاج: قال اللغويون: الجرز: [ الأرض ] التي لا يبقى بها نبات، تحرق كل نبات يكون بها . وقال المفسرون: وهذا يكون يوم القيامة، يجعل الله الأرض مستوية لا نبات فيها ولا ماء . ابن الأنباري: