قوله تعالى: فلا تطع المكذبين وذلك أن رؤساء أهل مكة دعوه إلى دين آبائه، فنهاه الله أن يطيعهم "ودوا لو تدهن فيدهنون" فيه سبعة أقوال .
أحدها: لو ترخص فيرخصون، قاله ابن عباس .
والثاني: لو تصانعهم في دينك فيصانعون في دينهم، قاله الحسن .
[ ص: 331 ] والثالث: لو تكفر فيكفرون، قاله عطية، والضحاك، ومقاتل .
والرابع: لو تلين فيلينون لك، قاله ابن السائب .
والخامس، لو تنافق وترائي فينافقون ويراؤون، قاله زيد بن أسلم .
والسادس: ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم . وكانوا أرادوه على أن يعبد آلهتهم مدة، ويعبدوا الله مدة، قاله وقال ابن قتيبة . هو من المداهنة . أبو عبيدة:
والسابع: لو تقاربهم فيقاربونك، قاله ابن كيسان .
قوله تعالى: ولا تطع كل حلاف وهو كثير الحلف بالباطل "مهين" وهو الحقير . الدنيء وروى عن العوفي قال: المهين: الكذاب . ابن عباس
واختلفوا فيمن نزل هذا على ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه الوليد بن المغيرة، قاله ابن عباس، والثاني: ومقاتل . الأخنس بن شريق، قاله عطاء، والثالث: والسدي . الأسود بن عبد يغوث، قاله [ ص: 332 ] قوله تعالى: مجاهد . هماز قال هو المغتاب . وقال ابن عباس: هو العياب . ابن قتيبة:
قوله تعالى: مشاء بنميم أي: يمشي بين الناس بالنميمة، وهو نقل الكلام السيئ من بعضهم إلى بعض ليفسد بينهم "مناع للخير" فيه قولان .
أحدهما: أنه منع ولده وعشيرته الإسلام، قاله ابن عباس .
والثاني: مناع للحقوق في ماله، ذكره الماوردي .
قوله تعالى: معتد أي: ظلوم "أثيم" "فاجر" "عتل بعد ذلك" أي: مع ما وصفناه به . وفي "العتل" سبعة أقوال .
أحدها: أنه العاتي الشديد المنافق، قاله والثاني: أنه المتوفر الجسم، قاله ابن عباس . والثالث: الشديد الأشر، قاله الحسن . والرابع: القوي في كفره، قاله مجاهد . والخامس: الأكول الشروب القوي الشديد، قاله عكرمة . والسادس: الشديد الخصومة بالباطل، قاله عبيد بن عمير . والسابع: أنه الغليظ الجافي، قاله الفراء . ابن قتيبة .
[ ص: 333 ] وفي "الزنيم" أربعة أقوال .
أحدها: أنه الدعي في قريش وليس منهم، رواه عن عطاء وهذا معروف في اللغة أن الزنيم: هو الملتصق في القوم وليس منهم، وبه قال ابن عباس، الفراء، وأبو عبيدة، قال وابن قتيبة . حسان:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
والثاني: أنه الذي يعرف بالشر، كما تعرف الشاة بزنمتها، رواه عن سعيد بن جبير ابن عباس .
والثالث: أنه الذي له زنمة مثل زنمة الشاة . وقال نعت فلم يعرف حتى قيل: زنيم، فعرف، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها . ولا نعلم أن الله تعالى بلغ من ذكر عيوب أحد ما بلغه من ذكر عيوب الوليد، لأنه وصفه بالحلف، والمهانة، والعيب للناس، والمشي بالنميمة، والبخل، والظلم، والإثم، والجفاء، والدعوة، فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة . والزنمتان: المعلقتان عند حلوق المعزى . وقال ابن عباس: يعني التي تتعلق من أذنها . ابن فارس:
والرابع: أنه الظلوم، رواه عن الوالبي ابن عباس .
قوله تعالى: أن كان ذا مال وبنين قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي، وحفص عن "أن كان" على الخبر، أي: لأن كان . والمعنى: لا تطعه لماله وبنيه . وقرأ عاصم: بهمزتين، الأولى: مخففة . والثانية: ملينة، وفصل بينهما بألف ابن عباس . وقرأ أبو جعفر "أأن كان" بهمزتين مخففتين على الاستفهام، وله وجهان . حمزة:
[ ص: 334 ] أحدهما: لأن كان ذا مال تطيعه؟!
والثاني: ألأن كان ذا مال وبنين؟! "إذا تتلى عليه آياتنا" يكفر بها؟ فيقول: "أساطير الأولين" ذكر القولين وقرأ الفراء . "أن كان" بهمزة واحدة مقصورة . ثم أوعده فقال تعالى: ابن مسعود: سنسمه على الخرطوم الخرطوم: الأنف . وفي هذه السمة ثلاثة أقوال .
أحدها: سنسمه بالسيف، فنجعل ذلك علامة على أنفه ما عاش، فقاتل يوم بدر فخطم بالسيف، قاله ابن عباس .
والثاني: سنلحق به شيئا لا يفارقه، قاله واختاره قتادة، ابن قتيبة .
والثالث: أن المعنى: سنسود وجهه . قال و"الخرطوم" وإن كان قد خص بالسمة، فإنه في مذهب الوجه، لأن بعض الوجه يؤدي عن البعض . وقال الفراء: سنجعل له في الآخرة العلم الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم . وجائز - والله أعلم - أن يفرد بسمة لمبالغته في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتبين بها عن غيره . الزجاج: