وجماع الحيل نوعان : إما أن يضموا إلى أحد العوضين ما ليس بمقصود أو يضموا إلى العقد عقدا ليس بمقصود .
فالأول مسألة " مد عجوة " وضابطها : أن مثل أن يكون غرضهما بيع فضة بفضة متفاضلا ونحو ذلك فيضم إلى الفضة القليلة عوضا آخر حتى يبيع ألف دينار في منديل بألفي دينار . فمتى كان المقصود بيع الربوي بجنسه متفاضلا حرمت مسألة " مد عجوة " بلا خلاف عند يبيع ربويا بجنسه ومعهما أو مع أحدهما ما ليس من جنسه مالك وأحمد وغيرهما وإنما يسوغ مثل هذا من جوز الحيل من الكوفيين وإن [ ص: 28 ] كان قدماء الكوفيين يحرمون هذا .
وأما إن كان كلاهما مقصودا كمد عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم أو مدين أو درهمين ، ففيه روايتان عن أحمد ، والمنع قول مالك والشافعي . والجواز : قول أبي حنيفة وهي مسألة اجتهاد .
وأما إن كان المقصود من أحد الطرفين غير الجنس الربوي كبيع شاة ذات صوف أو لبن بصوف أو لبن : فأشهر الروايتين عن أحمد الجواز .
والنوع الثاني من الحيل : أن يضما إلى العقد المحرم عقدا غير مقصود مثل أن أو يتواطآ على أن يبيعه الذهب بخرزه ثم يبتاع الخرز منه بأكثر من ذلك الذهب . وهي الحيلة المثلثة أو يقرن بالقرض محاباة : في بيع أو إجارة أو مساقاة ونحو ذلك مثل أن يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدهما عرضا ثم يبيعه المبتاع لمعامله المرابي ثم يبيعه المرابي لصاحبه ونحو ذلك . يقرضه ألفا ويبيعه سلعة تساوي عشرة بمائتين أو يكريه دارا تساوي ثلاثين بخمسة
فهذا ونحوه من الحيل لا تزول به المفسدة التي حرم الله من أجلها الربا وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال : " { } قال لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا [ ص: 29 ] ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهو من جنس حيل اليهود ، فإنهم إنما استحلوا الربا بالحيل ويسمونه المشكند وقد لعنهم الله على ذلك .
وقد روى ابن بطة بإسناد حسن عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { أبي هريرة لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل } وفي الصحيحين عنه أنه قال : " { اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها } وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " { لعن الله من أدخل فرسا بين فرسين - وهو لا يأمن أن يسبق - فليس قمارا ومن أدخل فرسا بين فرسين - وقد أمن أن يسبق - فهو قمار } وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أهل السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " { } . البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله