وأيضا : فإنا نعلم قطعا أن المسلمين ما زالت لهم أرضون فيها شجر [ ص: 67 ] تكرى ; بل هذا غالب على أموال أهل الأمصار . ونعلم أن السلف لم يكونوا كلهم يعمرون أرضهم بأنفسهم ولا غالبهم ونعلم أن المساقاة والمزارعة قد لا تتيسر في كل وقت ; لأنها تفتقر إلى عامل أمين وما كل أحد يرضى بالمساقاة ولا كل من أخذ الأرض يرضى بالمشاركة . فلا بد أن يكونوا قد كانوا يكرون الأرض السوداء ذات الشجر . ومعلوم أن الاحتيال بالتبرع أمر نادر لم يكن السلف من الصحابة والتابعين يفعلونه . فلم يبق إلا أنهم كانوا يفعلون كما فعل عمر رضي الله عنه بمال وكما يفعله غالب المسلمين من تلك الأزمنة وإلى اليوم . أسيد بن الحضير
فإذا لم ينقل عن السلف أنهم حرموا هذه الإجارة ولا أنهم أمروا بحيلة التبرع - مع قيام المقتضي لفعل هذه المعاملة - علم قطعا أن المسلمين كانوا يفعلونها من غير نكير من الصحابة والتابعين . فيكون فعلها كان إجماعا منهم .
ولعل الذين اختلفوا في كراء الأرض البيضاء والمزارعة عليها لم يختلفوا في كراء الأرض السوداء ولا في المساقاة ; لأن منفعة الأرض ليس فيها طائل بالنسبة إلى منفعة الشجر .
فإن قيل : فقد قال : سئل حرب الكرماني أحمد عن تفسير [ ص: 68 ] حديث ابن عمر : " القبالات ربا " قال : هو أن يتقبل القرية فيها النخل والعلوج . قيل له : فإن لم يكن فيها نخل وهي أرض بيضاء ؟ قال : لا بأس ; إنما هو الآن مستأجر : قيل : فإن فيها علوجا ؟ قال : فهذا هو القبالة المكروهة . قال حرب : حدثنا حدثنا أبي حدثنا عبيد الله بن معاذ سعيد عن جبلة سمع ابن عمر يقول : " القبالات ربا " .
قيل : الربا فيما يجوز تأجيله إنما يكون في الجنس الواحد لأجل الفضل . فإذا قيل في الأجرة أو الثمن أو نحوهما : أنه ربا مع جواز تأجيله . فلأنه معاوضة بجنسه متفاضلا لأن الربا إما ربا النساء وذلك لا يكون إلا فيما يجوز تأجيله وإما ربا الفضل وذلك لا يكون إلا في الجنس الواحد . فإذا انتفى ربا النساء الذي هو التأخير لم يبق إلا ربا الفضل الذي هو الزيادة في الجنس الواحد . وهذا يكون إذا كان التقبل بجنس مغل الأرض مثل : أن يقبل الأرض التي فيها نخل يتمر . فيكون مثل المزابنة . وهذا مثل اكتراء الأرض بجنس الخارج منها إذا كان مضمونا في الذمة مثل : أن . ففيه روايتان عن يكتريها ليزرع فيها حنطة بحنطة معلومة أحمد . إحداهما : أنه ربا كقول مالك . وهذا مثل القبالة التي كرهها ابن عمر ; لأنه ضمن الأرض للحنطة بحنطة معلومة فكأنه ابتاع حنطة بحنطة تكون أكثر أو أقل فيظهر الربا .
[ ص: 69 ] فالقبالات التي ذكر ابن عمر أنها ربا : أن يضمن الأرض التي فيها النخل والفلاحون بقدر معين من جنس مغلها مثل أن يكون لرجل قرية فيها شجر وأرض وفيها فلاحون يعملون له تغل له ما تغل من الحنطة والتمر بعد أجرة الفلاحين أو نصيبهم فيضمنها رجل منه بمقدار معلوم من الحنطة والتمر ونحو ذلك . فهذا مظهر تسميته بالربا . فأما فليس من باب الربا بسبيل . ومن حرمه فهو عنده من باب الغرر . ضمان الأرض بالدراهم والدنانير
ثم إن أحمد لم يكره ذلك إذا كانت أرضا بيضاء لأن الإجارة عنده جائزة وإن كانت الأجرة من جنس الخارج على إحدى الروايتين ; لأن المستأجر يعمل في الأرض بمنفعته وماله فيكون المغل بكسبه ; بخلاف ما إذا كان فيها العلوج وهم الذين يعالجون العمل . فإنه لا يعمل فيها شيئا لا بمنفعته ولا بماله بل العلوج يعملونها . وهو يؤدي القبالة ويأخذ بدلها . فهو طلب الربح في مبادلة المال من غير صناعة ولا تجارة وهذا هو الربا . ونظير هذا ما جاء عن ابن عمر أنه ربا ، وهو اكتراء الحمام والطاحون والفنادق ونحو ذلك مما لا ينتفع المستأجر به فلا يتجر فيه ولا يصطنع فيه . وإنما يكتريه ليكريه فقط ، فقد قيل : هو ربا .
والحاصل أنها لم تكن ربا لأجل النخل ولا لأجل الأرض إذا [ ص: 70 ] كانت بغير جنس المغل وإنما كانت ربا لأجل العلوج . وهذه الصورة لا حاجة إليها ; فإن العلوج يقومون بها ، فتقبيلها لآخر مراباة له ; ولهذا كرهها أحمد وإن كانت بيضاء إذا كان فيها العلوج .
وقد استدل على المسألة بمعاملة النبي صلى الله عليه وسلم حرب الكرماني لأهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع على أن يعمروها من أموالهم . وذلك أن هذا في المعنى مع إكراء الشجر بنصف ثمره . فيقاس عليه إكراء الأرض والشجر بشيء مضمون ; لأن إعطاء الثمر لو كان بمنزلة بيعه لكان إعطاء بعضه بمنزلة بيعه . وذلك لا يجوز . وهذه المسألة لها أصلان : الأصل الأول : أنه متى كان بين الشجر أرض أو مساكن دعت الحاجة إلى كرائهما جميعا فيجوز لأجل الحاجة ، وإن كان في ذلك غرر يسير ; لا سيما إن كان البستان وقفا أو مال يتيم ; فإن تعطيل منفعته لا يجوز وإكراء الأرض أو المسكن وحده لا يقع في العادة ولا يدخل أحد في إجارته على ذلك . وإن اكتراه اكتراه بنقص كثير عن قيمته . وما لا يتم المباح إلا به فهو مباح . فكل ما يثبت إباحته بنص أو إجماع وجب إباحة لوازمه إذا لم يكن في تحريمها نص ولا إجماع . وإن قام دليل يقتضي تحريم لوازمه وما لا يتم اجتناب المحرم إلا باجتنابه فهو حرام ، فهنا يتعارض الدليلان . وفي مسألتنا قد ثبت إباحة [ ص: 71 ] كراء الأرض بالسنة واتفاق الفقهاء المتبوعين ; بخلاف دخول كراء الشجر ; فإن تحريمه مختلف فيه ولا نص عليه . إكراء للأرض منهم ببعض ما يخرج منها
وأيضا : فمتى أكريت الأرض وحدها وبقي الشجر لم يكن المكتري مأمونا على الثمر فيفضي إلى اختلاف الأيدي وسوء المشاركة . كما إذا بدا الصلاح في نوع واحد ويخرج على هذا القول مثل قول الليث بن سعد : إذا بدا الصلاح في جنس - وكان في بيعه متفرقا ضرر - جاز بيع جميع الأجناس ; لتعسر تفريق الصفقة ولأنه إذا أراد أن يبيع الثمر بعد ذلك لم يجد من يشتري الثمرة إذا كانت الأرض والمساكن لغيره إلا بنقص كثير . ولأنه إذا أكرى الأرض فإن شرط عليه سقي الشجر - والسقي من جملة المعقود عليه - صار المعوض عوضا . وإن لم يشرط عليه السقي فإذا سقاها - إن ساقاه عليها - صارت الإجارة لا تصح إلا بمساقاة . وإن لم يساقه لزم تعطيل منفعة المستأجر فيدور الأمر بين أن تكون الأجرة بعض المنفعة أو لا تصح الإجارة إلا بمساقاة أو بتفويت منفعة المستأجر . ثم إن حصل للمكري جميع الثمرة أو بعضها : ففي بيعها - مع أن الأرض والمساكن لغيره - نقص للقيمة في مواضع كثيرة .
فيرجع الأمر إلى أن الصفقة إذا كان في تفريقها ضرر جاز الجمع بينهما في المعاوضة وإن لم يجز إفراد كل منهما ; لأن حكم الجمع يخالف [ ص: 72 ] حكم التفريق . ولهذا وجب عند أحمد وأكثر الفقهاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { على أحد الشريكين إذا تعذرت القسمة : أن يبيع مع شريكه أو يؤاجر معه إن كان المشترك منفعة } أخرجاه في الصحيحين . فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقويم العبد كله وبإعطاء الشريك حصته من القيمة . ومعلوم أن قيمة حصته منفردة دون حصته من قيمة الجميع . فعلم أن حقه في نصف النصف . وإذا استحق ذلك بالإعتاق فبسائر أنواع الإتلاف أولى ; وإنما يستحق بالإتلاف ما يستحق بالمعاوضة . فعلم أنه يستحق بالمعاوضة نصف القيمة وإنما يمكن ذلك عند بيع الجميع . فتجب قسمة العين حيث لا ضرر فيها . فإن كان فيها ضرر قسمت القيمة . من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل . فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه ما عتق
فإذا كنا قد أوجبنا على الشريك بيع نصيبه لما في التفريق من نقص قيمة شريكه فلأن يجوز بيع الأمرين جميعا - إذا كان في تفريقهما ضرر - أولى ; ولذلك جاز . وإن أمكن تفريقهما بالحلب وإن كان بيع اللبن وحده لا يجوز . بيع الشاة مع اللبن الذي في ضرعها
وعلى هذا الأصل : فيجوز متى كان مع الشجر منفعة مقصودة [ ص: 73 ] كمنفعة أرض للزرع أو بناء للسكن . وأما إن كان المقصود هو الثمر فقط ; ومنفعة الأرض أو المسكن ليست جزءا من المقصود ; وإنما أدخلت لمجرد الحيلة كما قد يفعل في مسائل " مد عجوة " لم يجئ هذا الأصل .
" الأصل الثاني " : أن يقال : إكراء الشجر للاستثمار يجري مجرى إكراء الأرض للازدراع واستئجار الظئر للرضاع . وذلك : أن الفوائد التي تستخلف مع بقاء أصولها تجري مجرى المنافع وإن كانت أعيانا وهي ثمر الشجر ولبن الآدميات والبهائم والصوف والماء العذب : فإنه كلما خلق من هذه شيء فأخذ خلق الله بدله مع بقاء الأصل كالمنافع سواء . ولهذا جرت في الوقف والعارية والمعاملة بجزء من النماء مجرى المنفعة ; فإن الوقف لا يكون إلا فيما ينتفع به مع بقاء أصله . فإذا جاز وقف الأرض البيضاء أو الرباع لمنفعتها فكذلك وقف الحيطان لثمرتها ووقف الماشية لدرها وصوفها ووقف الآبار والعيون لمائها ; بخلاف ما يذهب بالانتفاع كالطعام ونحوه فلا يوقف .
وأما " باب العارية " فيسمون إباحة الظهر إفقارا يقال : أفقره الظهر . وما أبيح لبنه : منيحة . وما أبيح ثمره : عرية وغير ذلك عارية وشبهوا ذلك بالقرض الذي ينتفع به المقترض ثم يرد مثله . ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم " { } [ ص: 74 ] فاكتراء الشجر لأن يعمل عليها ويأخذ ثمرها بمنزلة استئجار الظئر لأجل لبنها . وليس في القرآن إجارة منصوصة إلا إجارة الظئر في قوله سبحانه { منيحة لبن أو منيحة ورق فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } .
ولما اعتقد بعض الفقهاء أن الإجارة لا تكون إلا على منفعة ليست عينا ورأى جواز إجارة الظئر قال : المعقود عليه هو وضع الطفل في حجرها واللبن دخل ضمنا وتبعا كنقع البئر . وهذا مكابرة للعقل والحس ; فإنا نعلم بالاضطرار أن المقصود بالعقد هو اللبن كما ذكره الله بقوله : { فإن أرضعن لكم } وضم الطفل إلى حجرها : إن فعل فإنما هو وسيلة إلى ذلك . وإنما العلة ما ذكرته : من أن الفائدة التي تستخلف مع بقاء أصلها تجري مجرى المنفعة . وليس من البيع الخاص ; فإن الله لم يسم العوض إلا أجرا لم يسمه ثمنا وهذا بخلاف ما لو حلب اللبن فإنه لا يسمي المعاوضة عليه حينئذ إلا بيعا لأنه لم يستوف الفائدة من أصلها . كما يستوفي المنفعة من أصلها .
فلما كان للفوائد العينية التي يمكن فصلها عن أصلها حالان : حال تشبه فيه المنافع المحضة وهي حال اتصالها واستيفائها واستيفاؤه كاستيفاء المنفعة . وحال تشبه فيه الأعيان المحضة وهي حال انفصالها وقبضها كقبض الأعيان . فإذا كان صاحب الشجر هو الذي يسقيها ويعمل عليها حتى تصلح الثمرة ; فإنما يبيع ثمرة محضة كما لو كان هو الذي يشق الأرض [ ص: 75 ] ويبذرها ويسقيها حتى يصلح الزرع فإنما يبيع زرعا محضا وإن كان المشتري هو الذي يجد ويحصد كما لو باعها على الأرض وكان المشتري هو الذي ينقل ويحول ; ولهذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في النهي عن وعن بيع الحب حتى يشتد ; فإن هذا بيع محض للثمرة والزرع . بيع الثمر حتى يبدو صلاحه
وأما إذا كان المالك يدفع الشجرة إلى المكتري حتى يسقيها ويلقحها ويدفع عنها الأذى فهو بمنزلة دفعه الأرض إلى من يشقها ويبذرها ويسقيها ; ولهذا سوى بينهما في المساقاة والمزارعة فكما أن كراء الأرض ليس ببيع لزرعها فكذلك كراء الشجرة ليس ببيع لثمرها ; بل نسبة كراء الشجر إلى كراء الأرض كنسبة المساقاة إلى المزارعة . هذا معاملة بجزء من النماء وهذا كراء بعوض معلوم . فإذا كانت هذه الفوائد قد ساوت المنافع في الوقف لأصلها وفي التبرعات بها وفي المشاركة بجزء من نمائها وفي المعاوضة عليها بعد صلاحها : فكذلك تساويها في المعاوضة على استفادتها وتحصيلها .
ولو فرق بينهما بأن الزرع إنما يخرج بالعمل ; بخلاف الثمر فإنه يخرج بلا عمل : كان هذا الفرق عديم التأثير ; بدليل المساقاة والمزارعة ، وليس بصحيح ; فإن للعمل تأثيرا في الإثمار ; كما له تأثير في الإنبات ومع عدم العمل عليها قد تعدم الثمرة وقد تنقص ; فإن [ ص: 76 ] من الشجر ما لو لم يسق لم يثمر ولو لم يكن للعمل عليه تأثير أصلا : لم يجز دفعه إلى عامل بجزء من ثمره ولم يجز في مثل هذه الصورة إجارته قبل بدو صلاحه ; فإنه بيع محض للثمرة ; لا إجارة للشجر ، ويكون كمن أكرى أرضه لمن يأخذ منها ما ينبته الله بلا عمل أحد أصلا قبل وجوده .
فإن قيل : المقصود بالعقد هنا غرر ; لأنه قد يثمر قليلا وقد يثمر كثيرا .
يقال : ومثله في إكراء الأرض ; فإن المقصود بالعقد غرر أيضا على هذا التقدير ; فإنها قد تنبت قليلا وقد تنبت كثيرا .
وإن قيل : المعقود عليه هناك التمكن من الازدراع لا نفس الزرع النابت .
قيل : والمعقود عليه هنا : التمكن من الاستثمار ; لا نفس الثمر الخارج ، ومعلوم أن المقصود فيهما إنما هو الزرع والثمر . وإنما يجب العوض بالتمكن من تحصيل ذلك .
كما أن المقصود باكتراء الدار إنما هو السكنى وإن وجب العوض بالتمكن من تحصيل ذلك . فالمقصود في اكتراء الأرض للزرع : إنما هو نفس الأعيان التي [ ص: 77 ] تحصد ليس كاكترائها للسكنى أو البناء فإن المقصود هناك نفس الانتفاع بجعل الأعيان فيها . وهذا بين عند التأمل لا يزيده البحث عنه إلا وضوحا .
فظهر به أن الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من بيع الثمرة قبل زهوها وبيع الحب قبل اشتداده ليس هو - إن شاء الله - إكراؤها لمن يحصل ثمرتها وزرعها بعمله وسقيه ولا هذا داخل في نهيه لفظا ولا معنى .
يوضح ذلك : أن البائع لثمرتها عليه تمام سقيها والعمل عليها حتى يتمكن المشتري من الجذاذ كما على بائع الزرع تمام سقيه حتى يتمكن المشتري من الحصاد ; فإن هذا من تمام التوفية ومئونة التوفية على البائع كالكيل والوزن . وأما المكري لها لمن يخدمها حتى تثمر فهو كمكري الأرض لمن يخدمها حتى تنبت ; ليس على المكري عمل أصلا . وإنما عليه التمكين من العمل الذي يحصل به الثمر والزرع .
لكن يقال : طرد هذا : أن يجوز . إكراء البهائم لمن يعلفها ويسقيها ويحتلب لبنها
قيل : إذا جوزنا على إحدى الروايتين أن تدفع الماشية إلى من [ ص: 78 ] يعلفها ويسقيها بجزء من درها ونسلها جاز دفعها إلى من يعمل عليها لدرها ونسلها بشيء مضمون .
وإن قيل : فهلا جاز إجارتها لاحتلاب لبنها كما جاز إجارة الظئر ؟ .
قيل : إجارة الظئر أن ترضع بعمل صاحبها للغنم لأن الظئر هي التي ترضع الطفل فإذا كانت هي التي توفي المنفعة فنظيره : أن يكون المؤجر هو الذي يوفي منفعة الإرضاع . وحينئذ فالقياس : جوازه . ولو لم يكن هذا ممتنعا . وأما إن كان المستأجر هو الذي يحلب اللبن أو هو الذي يستوفيه . فهذا مشتر للبن ، ليس مستوفيا لمنفعة ولا مستوفيا للعين بعمل . وهو شبيه باشتراء الثمرة . واحتلابه كاقتطافها . وهو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " { كان لرجل غنم فاستأجر غنم رجل ليرضعها } بخلاف ما لو استأجرها لأن يقوم عليها ويحتلب لبنها فهذا نظير اكتراء الأرض والشجر . لا يباع لبن في ضرع