وقال شيخ الإسلام قدس الله روحه فصل : إذا كان إيجاب المسمى أو مثله أقرب إلى التسوية في الفاسد الذي يتعذر رده : رد المقبوض أو مثله من إيجاب مثل العوض المسمى في العقد على مثال هذا المضمون .
فنقول : المثل من فاسد فسد مثله فليس المؤجل مثل الحال ولا أحد النوعين مثل الآخر فلو أسلم إليه دراهم في شيء سلما ولم [ ص: 414 ] يتغير سعره وقلنا : هو سلم . فإن رد إليه رأس ماله في الحال أو مثله فهذا هو الواجب .
وأما إذا أخره إلى حين حلول السلم ثم أراد رد مثل رأس ماله : فليس هذا مثلا له . فإذا أوجبنا المسلم فيه بقيمته وقت الإسلاف كان أقرب إلى العدل فإنهما تراضيا أن يأخذ بهذه الدراهم من المسلم فيه لا من غيره ; لكن لم يتفقا على القدر فردهما إلى القيمة العادلة هو الواجب بالقياس ; فإن قبض الثمن قبل قبض المثمن . ولو ومثلها : ردت القيمة بالسعر وقت القبض فكما أوجبنا هنا قيمة المقبوض من العوض نوجب هناك قيمة المقبوض من الدراهم . اشترى سلعة لم يقطع فيها وقلنا هو بيع فاسد فإذا تعذر رد العين
ونظيرها من كل وجه : أن يكون مثلا لم يكن مثلا لتلك المقبوضة ; لاختلاف القيمة فإعطاء قيمة المقبوض وقت قبض السلعة مؤجلا إلى حين قبض الثمن أشبه بالعدل . فهذا في الثمن والمثمن سواء . المبيع مكيلا أو موزونا لم يقطع ثمنه ; لكنه مؤجل إلى حول فحين يحل الأجل إن رد حنطة
والأصل فيه أن كل ما كان أقرب إلى ما تعاقدا عليه وتراضيا به ; كان أولى بالاستحقاق مما لم يتعاقدا عليه ولم يتراضيا به وأن [ ص: 415 ] المضمون بالغصب والإتلاف إذا لم يكن مثليا فإنه يقدر بالقيمة لا بالعقود فتقدير المضمون بذلك العقد أولى من تقديره بالمضمون بعقد آخر ; لكن هذه المسألة " مسألة الحلول والتأجيل " مبنية على أصل آخر وهو أن اختلاف الأسعار يؤثر في التماثل وهذا مذكور في موضعه . والله أعلم .