الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 497 ] وسئل عن رجل nindex.php?page=treesubj&link=24723يشتري عش الحمامات ويقدم الفضة على عش السنة كلها ونص عند الشهود على أرادب معلومة وليس ثم كيلا أصلا ; بل يفعل ذلك ليصح السلم وكان العادة إذا تحصل منه شيء جعل في وعائه وختم عليه كله وبيع فهل هذا صحيح ؟ أم لا ؟
فأجاب : هذه المسألة مبنية على أصلين : " أحدهما " أن هذا المنعقد من الدخان هل هو طاهر أو نجس ؟ في ذلك تفصيل ونزاع ، وإن كان الوقود طاهرا كوقود الأفران وكالوقود الطاهر للحمام فذلك المنعقد طاهر وإن كان الوقود بنجاسة فهل يكون هذا المنعقد طاهرا ؟ على قولين للعلماء ، وكذلك في كل نجاسة استحالت كالرماد والقصرمل والجرسيف ونحو ذلك وإن كان مستحيلا عن نجاسة فهذا نجس في مذهب الشافعي وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد وهو ظاهر في مذهب أبي حنيفة .
والقول الآخر في مذهب مالك وأحمد أنه طاهر وهذا القول [ ص: 498 ] أقوى في دلالة الكتاب والسنة والقياس . فإنهم اتفقوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=24732الخمر إذا انقلبت خلا بفعل الله تعالى كانت طاهرة وهذا لم يتناوله لفظ التحريم ولا معناه فلا يكون محرما نجسا . فمن قال : إنه طاهر جوز بيعه ومنهم من يجوز بيعه مع نجاسته والخلاف فيه مشهور في " مسألة السرجين النجس " .
و " الأصل الثاني " : أنه إذا جاز بيعه فلا يقال يباع على الوجه المشروع ولا ريب أنه يجوز السلف فيه وليس السؤال عن بيعه معينا حتى يشترط الرؤية ونحوها ; لكن إذا أسلف فيه فلا بد أن يسلف في قدر معلوم إلى أجل معلوم وأن يقبض رأس المال في المجلس وغير ذلك من شروط السلم .
فإذا كانوا قد أظهروا صورة السلم وكان المسلم يقبض ما تحصل وهو المقصود في الباطن سواء كان أكثر من المقدار أو أقل : فهذا عقد باطل يجب النهي عنه ومنع فاعله .