وأما على " ثلاثة أقوال " . الامتحان بالضرب ونحوه فاختلف فيه هل : يشرع للقاضي والوالي ؟ أم يشرع للوالي دون القاضي ؟ أم يشرع الضرب لواحد منهما ؟
[ ص: 401 ] " أحدها " أنه يضرب فيها القاضي والوالي وهذا قول طائفة من العلماء من أصحاب مالك وغيرهم منهم أشهب قاضي مصر قال أشهب : يمتحن بالسجن والأدب ويضرب بالسوط مجردا .
" والقول الثاني " لا يضرب بل يحبس كما تقدم وهذا قول أصبغ من أصحاب مالك وقول كثير من الحنفية والشافعية وغيرهم ; لكن حبس المتهم عندهم أبلغ من حبس المجهول ; فلذلك اختلفوا هل يحبس حتى يموت ؟ فقال وجماعة من أصحاب عمر بن عبد العزيز مالك كمطرف وغيرهما أنه يحبس حتى يموت . وابن الماجشون
وهكذا روي عن الإمام أحمد فيمن لم ينته عن بدعته أنه يحبس حتى يموت وقال مالك : لا يحبس حتى يموت .
و " القول الثالث " أنه يضربه الوالي دون القاضي وهذا القول ذكره طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد كالقاضي أبي الحسن الماوردي وغيرهما . والقاضي أبي يعلى
وبسطوا القول في ذلك في كتب " الأحكام السلطانية " وقالوا : إن ولاية الحرب معتمد العقوبة على الجرائم والمنع من الفساد في الأرض وذلك لا يتم إلا بالعقوبة للمتهمين المعروفين بالإجرام ; بخلاف ولاية الحكم فإن مقصودها يحصل بدون ذلك وهذا القول هو قول بجواز ذلك في الشريعة ; لكن كل ولي أمر بفعل ما فوض إليه فكما أن والي الصدقات لا يملك من القبض والصرف ما يملكه والي [ ص: 402 ] الخراج وإن كان كلاهما مالا شرعيا ; وكذلك والي الحرب ووالي الحكم كل منهما يفعل ما اقتضته ولايته الشرعية مع رعاية العدل وأصول الشريعة .