[ ص: 573 ]
سورة يوسف
قوله تعالى: توفني مسلما وألحقني بالصالحين
قوله - صلى الله عليه وسلم -: دعاء "أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين " يوسف عليه السلام حين قال: فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين والله عز وجل ولي أوليائه في الدنيا والآخرة، يتولى حفظهم وكلاءتهم وهدايتهم وحراستهم في دينهم ودنياهم ما داموا أحياء، فإذا حضرهم الموت توفاهم على الإسلام وألحقهم بعد الموت بالصالحين .
وهذا أجل النعم وأتمها على الإطلاق، وقد مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاته:
وقول يوسف - عليه السلام -: توفني مسلما وألحقني بالصالحين قيل: إنه دعا لنفسه بالموت، وهو قول جماعة من السلف، منهم ، فيستدل به على جواز الدعاء بالموت من غير ضر نزل به . الإمام أحمد
وقيل: إنه إنما دعا لنفسه بالموت على الإسلام عند نزول الموت، وليس فيه دعاء بتعجيل الموت كما أخبر عن المؤمنين أنهم قالوا في دعائهم: ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار [ ص: 574 ] ويؤيد التفسير الأول: أنه عقبه بالدعاء بالشوق إلى لقاء الله، وهو يتضمن الدعاء بالموت .
واستدل من جوز بقوله تعالى: الدعاء بالموت وتمنيه: قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ثم ذمهم على عدم تمنيه بسبب سيئاتهم، وعلى حرصهم على طول الحياة في الدنيا، وكذلك قوله تعالى: قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين
وفي "المسند"، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتمنين أحد الموت إلا من وثق بعمله " .
فمن كان له عمل صالح فإنه يتمنى القدوم عليه، وكذلك من غلب عليه الشوق إلى لقاء الله عز وجل . وأما من تمنى الموت خوف فتنته في الدين، فإنه يجوز بغير خلاف، وقد بسطنا الكلام على هذه المسائل في غير هذا الموضع .