[ ص: 588 ] قوله تعالى: ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (24) تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون
وقد ضرب الله ورسوله مثل الإيمان والإسلام بالنخلة:
قال الله تعالى: ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها
فالكلمة الطيبة، هي: كلمة التوحيد، وهي أساس الإسلام . وهي جارية على لسان المؤمن .
وثبوت أصلها، هو: ثبوت التصديق بها في قلب المؤمن .
وارتفاع فرعها في السماء، هو: علو هذه الكلمة وبسوقها . وأنها تخرق الحجب، ولا تتناهى دون العرش .
وإتيانها أكلها كل حين، هو: مما يرفع بسببها للمؤمن كل حين من القول الطيب والعمل الصالح، فهو ثمرتها .
وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل المؤمن - أو المسلم - كمثل النخلة .
وقال : مثل الإيمان كشجرة، أصلها الشهادة، وساقها كذا وكذا . وورقها كذا وكذا، وثمرها الورع، ولا خير في شجر لا ثمر لها . ولا خير في إنسان لا ورع فيه . [ ص: 589 ] ومعلوم أن ما دخل في مسمى الشجرة والنخلة من فروعها وأغصانها . وورقها وثمرها، إذا ذهب شيء منه لم يذهب عن الشجرة اسمها، ولكن يقال: هي شجرة ناقصة، وغيرها أكمل منها، فإن قطع أصلها وسقطت لم تبق شجرة، وإنما تصير حطبا . طاوس
فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه - مع بقاء أركان بنيانه - لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه، لنقصه، بخلاف ما انهدمت أركانه وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية، والله أعلم .
* * *
ضرب العلماء مثل الإيمان بمثل شجرة لها أصل وفروع وشعب، فاسم الشجرة يشمل ذلك كله، ولو زال شيء من شعبها وفروعها، لم يزل عنها اسم الشجرة، وإنما يقال: هي شجرة ناقصة أو غيرها أتم منها . وقد ضرب الله مثل الإيمان بذلك في قوله تعالى: ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها والمراد بالكلمة كلمة التوحيد، وبأصلها: التوحيد، الثابت في القلوب . وأكلها: هو الأعمال الصالحة الناشئة منه .
وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل المؤمن والمسلم بالنخلة ولو زال شيء من فروع النخلة أو من ثمرها، لم يزل بذلك عنها اسم النخلة بالكلية، وإن كانت ناقصة الفروع أو الثمر .