قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون
وقد حكى روايتين عن القاضي أبو يعلى في وجوب أحمد وصحح القول بوجوبه، وهو قول أكثر العلماء . إنكار المنكر على من يعلم أنه لا يقبل منه،
وقد قيل لبعض السلف في هذا، فقال: يكون لك معذرة، وهذا كما أخبر الله عز وجل عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنهم قالوا لمن قال لهم: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون وقد ورد ما يستدل به على ففي "سنن سقوط الأمر والنهي عند عدم القبول والانتفاع به، أبي داود" وابن ماجه والترمذي أنه قيل له: كيف تقول في هده الآية: أبي ثعلبة الخشني عليكم أنفسكم فقال: أما والله لقد سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، [ ص: 462 ] فقال: "بل ائتمروا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا، وهوى متبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بنفسك، ودع عنك أمر العوام " . عن
وفي "سنن عن أبي داود" ، قال: عبد الله بن عمرو بينما نحن حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذ ذكر الفتنة، فقال: "إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا" وشبك بين أصابعه، فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك، جعلني الله فداك؟ قال: "الزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة" .
وكذلك روي عن طائفة من الصحابة في قوله تعالى: عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قالوا: لم يأت تأويلها بعد، إنما تأويلها في آخر الزمان . وعن ، قال: إذا اختلفت القلوب والأهواء، وألبستم شيعا . وذاق بعضكم بأس بعض، فيأمر الإنسان حينئذ نفسه، حينئذ تأويل هذه الآية . ابن مسعود
وعن ، قال: هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منهم . وقال ابن عمر عن جماعة من الصحابة، قالوا . إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضل إذا اهتديت . جبير بن نفير
وعن ، قال: لم يأت تأويلها بعد، إذا هاب الواعظ، وأنكر [ ص: 463 ] الموعوظ فعليك حينئذ بنفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت . مكحول
وعن أنه كان إذا تلا هذه الآية، قال: يا لها من ثقة ما أوثقها! ومن سعة ما أوسعها! . الحسن:
وهذا كله قد يحمل على أن من سقط عنه، وكلام عجز عن الأمر بالمعروف، أو خاف الضرر، يدل على أن من علم أنه لا يقبل منه، لم يجب عليه، كما حكي رواية عن ابن عمر ، وكذا قال أحمد : " مر من ترى أن يقبل منك . الأوزاعي