[ ص: 527 ] 21- باب: ذكر الآيات اللواتي ادعي عليهن النسخ في سورة الفرقان
ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: أفأنت تكون عليه وكيلا زعم أنها منسوخة بآية السيف ، وليس بصحيح ، لأن المعنى: أفأنت تكون حفيظا عليه تحفظه من اتباع هواه ، فليس للنسخ وجه . الكلبي
ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، قال في تفسيرها: لا يجهلون على أحد ، وإن جهل عليهم حلموا، وهذه الآية محكمة عند الجمهور . الحسن
[ ص: 528 ] وقد زعم قوم: أن المراد بها أنهم يقولون للكفار ، ليس بيننا وبينكم غير السلام ، وليس المراد السلام الذي هو التحية ، وإنما المراد بالسلام التسلم ، أي: تسلما منكم ومتاركة لكم ، كما يقول براءة منك أي لا ألتبس بشيء من أمرك ، ثم نسخت بآية السيف ، وهذا باطل ، لأن اسم الجاهل يعم المشرك وغيره ، فإذا خاطبهم مشرك ، قالوا السداد والصواب في الرد عليه ، وحسن المحاورة في الخطاب لا ينافي القتال ، فلا وجه للنسخ .
ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق إلى قوله: إلا من تاب للعلماء فيها قولان: أحدهما: أنها منسوخة ، ولهؤلاء في ناسخها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه قوله: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ، قاله رضي الله عنهما ، والأكثرون على خلافه في أن القتل لا [ ص: 529 ] يوجب الخلود ، وقال ابن عباس ، من قال: إن قوله: أبو جعفر النحاس ولا يقتلون النفس الآيات نسخها قوله: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فمعناه نزل بنسختها والآيتان واحد ، لأن هذا لا يقع فيه ناسخ ولا منسوخ ، لأنه خبر .
والثاني: قوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية وهذا لا يصح ، لأن الشرك لا يغفر إذا مات المشرك عليه .
والثالث: أنه نسخت بالاستثناء في قوله: إلا من تاب وهذا باطل ، لأن الاستثناء ليس بنسخ .
والقول الثاني: أنها محكمة ، والخلود إنما كان لانضمام الشرك إلى القتل والزنا .