[ ص: 614 ] 54- باب: ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة المزمل
ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا ، قال المفسرون ، المعنى: انقص من النصف قليلا أو زد على النصف ، فجعل له سعة في مدة قيامه ، إذ لم تكن محدودة فكان يقوم ومعه طائفة من المؤمنين ، فشق ذلك عليه وعليهم ، وكان يقوم الليل كله مخافة أن لا يحفظ القدر الواجب ، فنسخ الله ذلك عنه وعنهم بقوله: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ، هذا مذهب جماعة من المفسرين .
وقالوا: ليس في القرآن سورة نسخ آخرها أولها سوى هذه السورة ، وذهب قوم إلى أنه نسخ قيام الليل في حقه بقوله: ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، ونسخ في حق المؤمنين بالصلوات الخمس ، وقيل: نسخ عن الأمة وبقي فرضه عليه أبدا ، وقيل: إنما كان مفروضا عليه دونهم .
" [ ص: 615 ] أخبرنا ابن ناصر ، قال: أبنا علي بن أيوب ، قال: أبنا ابن شاذان ، قال: أبنا ، قال: أبنا أبو بكر النجاد ، قال: بنا أبو داود أحمد بن محمد ، قال: أبنا علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن ، عن عكرمة " ابن عباس قم الليل إلا قليلا ، نسختها: علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أبنا أحمد بن الحسين بن قريش ، قال: أبنا ، قال: أبنا أبو إسحاق البرمكي محمد بن إسماعيل بن العباسي ، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود ، قال: أبنا زيد بن أخرم ، قال: أبنا ، قال: أبنا بشر بن عمر ، عن حماد بن سلمة علي بن زيد ، عن ، عن أبي المتوكل ، قال: " كتب علينا قيام الليل ، فقمنا حتى انتفخت أقدامنا ، وكنا في مغزى لنا ، فأنزل الله الرخصة: جابر بن عبد الله أن سيكون منكم مرضى إلى آخر السورة [ ص: 616 ] قال أبو بكر : وأبنا عبد الله بن محمد بن خلاد ، قال: أبنا يزيد ، قال: أبنا مبارك ، عن ، قال: " الحسن لما نزلت: يا أيها المزمل { 1 } قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ، كان قيام الليل فريضة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ، قال : أما والله ما كلهم قام بها ، فخفف الله ، فأنزل آخر السورة: الحسن علم أن سيكون منكم مرضى إلى آخر الآية أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا عمر بن عبيد الله ، قال: أبنا ابن بشران ، قال: أبنا إسحاق بن أحمد ، قال: أبنا ، قال: حدثني أبي ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن ، عن قتادة زرارة بن أبي أوفى ، عن سعد بن هشام ، عن رضي الله عنها ، قالت: " عائشة ، قال كان الله افترض قيام الليل في أول سورة المزمل ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك خاتمتها في السماء اثنا عشر شهرا ، ثم أنزل الله آية فيها يسر وتخفيف ، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة : نسختها قتادة فاقرءوا ما تيسر من القرآن الآية قال : وأبنا أحمد حجاج ، عن ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني رضي الله عنهما " ابن عباس يا أيها المزمل قم الليل ، قال: فلما قدم المدينة نسختها هذه الآية: إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل الآية [ ص: 617 ] قال : وأبنا أحمد ، عن عبد الصمد ، عن همام ، قال: " فرض قيام الليل في أول سورة المزمل ، فقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خاتمتها في السماء حولا ، ثم أنزل الله التخفيف في آخرها ، فقال: قتادة علم أن سيكون منكم مرضى فنسخ ما كان قبلها .
ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا ، قال المفسرون: واصبر على ما يقولون من تكذيبهم إياك وأذاهم لك: واهجرهم هجرا جميلا لا جزع فيه ، وهذه منسوخة عندهم بآية السيف ، وهو مذهب ، وعلى ما بينا من تفسيرها يمكن أن تكون محكمة . قتادة
[ ص: 618 ] ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا زعم بعض المفسرين أنها منسوخة بآية السيف ، وليس بصحيح ، لأن قوله ذرني وعيد ، وأمره بإمهالهم ليس على الإطلاق ، بل أمره بإمهالهم إلى حين يؤمر بقتالهم ، فذهب زمان الإمهال فأين وجه النسخ ؟ ذكر الآية الرابعة: قوله تعالى: فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا زعم بعض من لا فهم له أنها نسخت بقوله: وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، وليس هذا بكلام من يدري ما يقول ، لأن الآية الأولى أثبتت للإنسان مشيئته ، والآية الثانية أثبتت أنه لا يشاء حتى يشاء الله وكيف يتصور النسخ ؟