قوله تعالى: لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم
247 - روى الشيخان وغيرهما من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال لبوابه اذهب يا مروان رافع إلى فقل لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون فقال ابن عباس : ما لكم وهذه ، إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب سألهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا قد أروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه ابن عباس أن
248 - وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا قدم واعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت
249 - وأخرج في تفسيره عن عبد الرزاق زيد بن أسلم أن رافع بن خديج كانا عند وزيد بن ثابت فقال مروان : يا مروان رافع في أي شيء نزلت هذه الآية لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا قال رافع : أنزلت في أناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتذروا وقالوا ما حبسنا عنكم إلا شغل فلوددنا أنا كنا معكم فأنزل الله فيهم هذه الآية وكأن أنكر ذلك فجزع مروان رافع من ذلك فقال : أنشدك بالله هل تعلم ما أقول قال نعم لزيد بن ثابت ، قال الحافظ ابن حجر : يجمع بين هذا وبين قول بأنه يمكن أن تكون نزلت في الفريقين معا قال وحكى ابن عباس أنها نزلت في قول اليهود نحن أهل الكتاب الأول والصلاة والطاعة ومع ذلك لا يقرون الفراء بمحمد
250 - وروى من طرق عن جماعة من التابعين نحو ذلك ورجحه ابن أبي حاتم ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك، انتهى
ابن جرير