الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قوله تعالى: قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين

23 - روى البخاري عن أنس قال سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في أرض يخترف فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال أخبرني بهن جبريل آنفا قال : جبريل؟ قال: نعم ، قال ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية " قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك " قال شيخ الإسلام ابن حجر في فتح الباري: ظاهر السياق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ الآية ردا على اليهود ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ [ ص: 17 ] قال وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة عبد الله بن سلام

24 - فأخرج أحمد والترمذي والنسائي من طريق بكر بن شهاب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال أقبلت يهود إلى رسول الله فقالوا يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي فذكر الحديث وفيه أنهم سألوه عما حرم إسرائيل على نفسه وعن علامة النبي وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث؟ وعمن يأتيه بخبر السماء إلى أن قالوا فأخبرنا من صاحبك قال جبريل قالوا جبريل ؟ ذاك ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان خيرا فنزلت

25 - وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وابن جرير من طريق الشعبي أن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوراة فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن قال فمر بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله فقال عالمهم نعم نعلم أنه رسول الله قلت فلم لا تتبعونه قالوا سألناه من يأتيه بنبوته فقال: عدونا جبريل ؛ لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك قلت فمن رسلكم من الملائكة؟ قالوا ميكائيل ينزل بالقطر والرحمة قلت وكيف منزلتهما من ربهما قالوا أحدهما عن يمينه والآخر عن الجانب الآخر قلت فإنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل وإنني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أريد أن أخبره فلما لقيته قال ألا أخبرك بآيات أنزلت علي فقلت بلى يا رسول الله فقرأ من كان عدوا لجبريل حتى بلغ للكافرين قلت يا رسول الله والله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني ، وإسناده صحيح إلى الشعبي لكنه لم يدرك عمر

26 - وقد أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم من طريق آخر عن الشعبي

27 - وأخرجه ابن جرير من طريق السدي عن عمر

28 - ومن طريق قتادة عن عمر

وهما أيضا منقطعان

29 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقي عمر بن [ ص: 18 ] الخطاب فقال إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر ( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ) قال فنزلت على لسان عمر فهذه طرق يقوي بعضها بعضا وقد نقل ابن جرير الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية