قد ذكرنا في باب البسملة مذاهب الأئمة العشرة فيما بين كل سورتين من الأوجه فتذكر .
الم فيه مدان لازمان فيمد كل منهما مدا مشبعا بقدر ثلاث ألفات كما سبق . وقرأ أبو جعفر بالسكت على كل حرف من حروف الهجاء سكتة لطيفة من غير تنفس ، فيسكت على ألف ، وعلى لام ، وعلى ميم ، ويلزم من السكت على لام إظهارها وعدم إدغامها في ميم ، والباقون بغير سكت .
فيه هدى قرأ بصلة هاء الضمير بياء لفظية ، وهذا مذهبه في كل هاء ضمير وقعت بعد ياء ساكنة وكان ما بعدها متحركا . فإن وقعت بعد حرف ساكن غير الياء وكان ما بعدها متحركا كذلك وصلها بواو لفظية ، مثل : منه واجتباه ، فلا توصل هاء الضمير عنده إلا إذا وقعت بين ساكن ومتحرك كما ذكر ، أما إذا وقعت بين متحركين نحو به وله فلا خلاف بين القراء في صلتها بياء إن وقعت بعد كسرة نحو به . وبواو إن وقعت بعد فتحة نحو له أو ضمة نحو صاحبه . ابن كثير
فإن وقعت بين ساكنين نحو فيه القرآن ، أو بين متحرك وساكن نحو له الملك فلا خلاف بين القراء في عدم صلتها . فحينئذ يكون لها أحوال أربعة كما ذكرنا ، فيصلها وحده في حالة وهي ما إذا وقعت بين ساكن ومتحرك كما سبق تمثيله . ابن كثير
ويصلها جميع القراء في حالة ، وهي ما إذا وقعت بين متحركين كما تقدم . وتمتنع صلتها عند الجميع في حالتين : وهما إذا وقعت بين ساكنين ، أو بين متحرك وساكن وقد سبق التمثيل لهما ، فتدبر ، هذه هي القاعدة الكلية لجميع القراء في هاء الضمير .
وهناك كلمات خرج فيها بعض القراء عن هذه القاعدة سنبينها في مواضعها إن شاء الله تعالى . [ ص: 17 ]
يؤمنون قرأ ورش والسوسي بإبدال الهمزة واوا ساكنة وصلا ووقفا وكذا كل همزة ساكنة وقعت فاء للكلمة فإن ورشا يبدلها حرف مد من جنس حركة ما قبلها ما عدا كلمات مخصوصة سننبه عليها في محالها إن شاء الله ; وأما وأبو جعفر فإنه يبدل كل همزة ساكنة سواء أكانت فاء أم عينا أم لاما إلا كلمات معينة خرجت عن هذه القاعدة سنقفك عليها ، وكذا أبو جعفر فإن قاعدته العامة إبدال كل همزة ساكنة فاء كانت أم عينا أم لاما ، واستثني من هذه القاعدة كلمتان فلا إبدال له فيهما وهما السوسي أنبئهم بالبقرة ونبئهم بالحجر والقمر وقرأ بإبدال همزة حمزة يؤمنون عند الوقف فقط ، وكذا يبدل عند الوقف كل همز ساكن فتأمل .
الصلاة قرأ بتفخيم اللام ; وكذلك قرأ بتفخيم كل لام مفتوحة سواء أكانت مخففة أم مشددة . متوسطة أم متطرفة . إذا وقعت بعد صاد أو طاء أو ظاء . سواء سكنت هذه الحروف أم فتحت ; وسواء خففت أم شددت . نحو : ورش الصلاة ، و فصل ، و مصلى ، و يصلى ، وبطل ، و معطلة ، و مطلع ، و طلقتم ، و الطلاق ، ظلم ، و ( ظلام ) ، و ظل ، و أظلم . و ظلت .
رزقناهم قرأ ابن كثير وأبو جعفر بخلاف عنه بصلة الميم وصلا والباقون بالإسكان وصلا ووقفا وقالون يؤمنون سبق نظيره قريبا .
بما أنـزل هو مد منفصل ، وقد قرأ بقصره والدوري عن قالون بخلاف عنهما . أبي عمرو
والسوسي وابن كثير وأبو جعفر من غير خلاف عنهم ، وقرأ الباقون بمده وهو الوجه الثاني ويعقوب لقالون عن والدوري ، والقراء الذين مذهبهم مد المنفصل متفاوتون في مده ، فأطولهم فيه مدا أبي عمرو ورش . وحمزة عندهما بثلاث ألفات والألف حركتان بحركة الأصبع قبضا أو بسطا ، فيكون المد عندهما ست حركات . وقدر المد
ويليهما في المد ، وقدر عنده بألفين ونصف أي بخمس حركات . ويليه عاصم الشامي والكسائي في اختياره ، وقدر عندهم بألفين أي بأربع حركات . ويليهم وخلف قالون على وجه المد لهما في المنفصل - وقدر عندهما بألف ونصف أي بثلاث حركات . هذا مذهب القراء العشرة في المد المنفصل ، وأما مذهبهم في المتصل فإليك بيانه . فأما والدوري ورش فيمدانه بمقدار ثلاث ألفات أي ست حركات ، فلا فرق عندهما بين المنفصل والمتصل في مقدار المد . وأما وحمزة فيمده كالمنفصل بقدر ألفين ونصف . وأما عاصم ابن عامر والكسائي في اختياره فيمدونه كالمنفصل أيضا قدر ألفين ، وأما وخلف قالون ودوري أبي عمرو وابن كثير والسوسي وأبو جعفر فيمدونه قدر ألف ونصف . وهذا كله مبني على ما ذهب إليه الداني وبعض العلماء أن للمد أربع مراتب : طولى ويعقوب لورش وقدرت بثلاث ألفات كما سبق ، وهذا في المتصل والمنفصل معا . الثانية دونها لعاصم وقدرت بألفين ونصف ، وهذا في المتصل والمنفصل أيضا . وحمزة
الثالثة دون الثانية لابن عامر والكسائي في اختياره وقدرت بألفين فقط وهذا في المتصل والمنفصل كذلك . الرابعة دون الثالثة وقدرت بألف ونصف وهذا في المتصل وخلف ودوري لقالون أبي عمرو وابن كثير والسوسي وأبي جعفر . [ ص: 18 ] ويعقوب
وأما في المنفصل فلا تتحقق هذه المرتبة إلا لقالون ودوري على وجه المد لهما . أبي عمرو
وأما المكي والسوسي وأبو جعفر فليس لهم في المنفصل إلا القصر كما سبق . وذهب فريق من المحققين ومنهم الإمام الشاطبي إلى أن للمد مرتبتين فحسب ، طولى ويعقوب لورش في المنفصل والمتصل ، وقدرت بثلاث ألفات كما تقدم . ووسطى وقدرت بألفين فقط وهي في المتصل وحمزة لقالون وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي وأبي جعفر ويعقوب في اختياره . وأما في المنفصل فهي وخلف ودوري لقالون على وجه المد لهما ولابن عامر أبي عمرو وعاصم والكسائي عن نفسه ، وأما وخلف ابن كثير والسوسي وأبو جعفر فلا تتحقق عندهم هذه المرتبة لأن مذهبهم قصر المنفصل كما علمت . وينبغي أن تعلم أنك إذا قرأت ويعقوب مثلا بمد المنفصل قدر ألف ونصف على المذهب الأول تعين أن تسوي به المتصل فتمده قدر ألف ونصف كذلك ، وإذا مددت المنفصل لقالون مثلا قدر ألفين على المذهب الثاني تعين أن تمد المتصل له قدر ألفين كذلك - وإذا قرأت لعاصم بمد المنفصل قدر ألفين ونصف على المذهب الأول وجب أن تمد المتصل هذا المقدار ، وإذا قرأت له بمد المنفصل قدر ألفين فقط على المذهب الثاني تعين مد المتصل هذا القدر أيضا وهكذا . فيجب رعاية كل مذهب على حدة وعدم خلط مذهب بآخر . ولنضرب لك مثلا يوضح هذين المذهبين أتم إيضاح فنقول : إذا اجتمع المنفصل والمتصل كما إذا قرأت من قوله تعالى لقالون والذين يؤمنون بما أنـزل إليك إلى قوله تعالى وأولئك هم المفلحون فإذا قرأت أو لقالون أو ابن كثير أو أبي عمرو أو أبي جعفر بقصر المنفصل جاز لك في المتصل مده ثلاث حركات على المذهب الأول وأربعا على المذهب الثاني . وإذا قرأت يعقوب لقالون عن والدوري بمد المنفصل ثلاث حركات على المذهب الأول تعين في المتصل مده كذلك . وإذا قرأت لهما بمد المنفصل أربعا على المذهب الثاني تعين مد المتصل كذلك . وإذا قرأت لعاصم بمد المنفصل خمس حركات على المذهب الأول مددت المتصل خمسا كذلك ، وإذا مددت المنفصل أربعا على المذهب الثاني مددت له المتصل كذلك ، وليس أبي عمرو لابن عامر والكسائي عن نفسه إلا المد بقدر ألفين فقط على كلا المذهبين سواء في ذلك المتصل والمنفصل . كما أنه ليس وخلف لورش على كلا المذهبين إلا المد بقدر ثلاث ألفات لا فرق في ذلك بين المتصل والمنفصل فتدبر . وهذا إذا تقدم المنفصل على المتصل كما ذكر . وحمزة
أما إذا تقدم المتصل على المنفصل كما إذا قرأت من قوله تعالى : إن الذين كفروا سواء عليهم - إلى وعلى أبصارهم غشاوة .
فإذا قرأت أو لقالون دوري بمد المتصل ثلاثا على المذهب الأول مددت المنفصل ثلاثا أو قصرته . أبي عمرو
وإذا مددت المتصل لهما أربعا على المذهب الثاني مددت المنفصل أربعا أو قصرته ، وإذا قرأت أو لابن كثير أو السوسي أو أبي جعفر بمد المتصل ثلاثا على المذهب الأول [ ص: 19 ] أو أربعا على المذهب الثاني قصرت المنفصل فقط لأن مذهبهم فيه القصر لا غير ، وإذا قرأت يعقوب للشامي أو أو الكسائي عن نفسه بمد المتصل أربعا مددت المنفصل كذلك إذ ليس لهم في المدين إلا هذا المقدار على كلا المذهبين . خلف
وإذا قرأت لعاصم بمد المتصل خمسا على المذهب الأول تعين مد المنفصل خمسا ، وإذا مددت له المتصل أربعا على المذهب الثاني تعين مد المنفصل كذلك ، وقد علمت أن ورشا ليس لهما في المدين إلا الإشباع على كلا المذهبين . وحمزة
واعلم أن من يمد المتصل بقدر ألف ونصف وصلا يمده كذلك وقفا ويجوز له في حالة الوقف مده بقدر ألفين أو ثلاث مراعاة للسكون العارض . ومن يمده بقدر ألفين في حالة الوصل يمده كذلك في حالة الوقف ويجوز له مده في هذه الحالة بقدر ثلاث ألفات . ومن يمده حالة الوصل قدر ألفين ونصف يمده كذلك في حالة الوقف ، ويجوز له مده حينئذ بقدر ثلاث ألفات ، ومن يمده وصلا بقدر ثلاث ألفات لا يجوز له وقفا إلا ذلك ، وكل هذا مع السكون المحض ومع الإشمام إن كان مرفوعا ، وأما الروم فلا يكون إلا كحالة الوصل فلا يمد في حالة الروم إلا بمقدار ما يمد عند الوصل والله تعالى أعلم ، ولا يجوز القصر لأحد; لأن في ذلك إلغاء للسبب الأصلي وهو الهمز واعتبار السبب العارض ، وهو السكون .
وبالآخرة قرأ بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وحذف الهمزة . ورش
وهذا مذهبه في كل همزة متحركة وقعت بعد ساكن صحيح كهذا ، ونحو : من آمن ، و بعاد * إرم ، و خلوا إلى بشرط أن يكون الساكن آخر كلمة وألا يكون حرف مد وأن تكون الهمزة أول الكلمة الثانية ، فإن كان الساكن حرف مد نحو : وفي أنفسكم ، فلا نقل فيه بل فيه المد . وقرأ أيضا بالقصر والتوسط والإشباع في البدل ، وهذا مذهبه في مد البدل لا فرق في ذلك بين البدل المحقق نحو : آمنوا . أو المغير بالنقل نحو : الإيمان ، و الأولى ، و ابني آدم ، و ألفوا آباءهم . و قد أوتيت . أو المغير بالإبدال نحو لو كان هؤلاء آلهة أو التسهيل نحو : أآلهتنا ، وإنما لم يمنع التغير في الهمز من التوسط والمد نظرا لعروض هذا التغير ، والمعتبر إنما هو الأصل ، وأقوى الأوجه الثلاثة في البدل القصر فينبغي تقديمه على التوسط والطول . وقرأ كذلك بترقيق راء بالآخرة لوجود الكسرة الأصلية قبلها فيكون في هذه الكلمة ثلاثة أحكام النقل ومد البدل والترقيق ، وقرأ لورش عن خلف حمزة وخلاد بخلاف عنه بالسكت على لام التعريف وصلا ، وأما في الوقف فيجوز لكل منهما وجهان السكت والنقل ولا يجوز الوقف عليها لحمزة من الروايتين بالتحقيق من غير سكت ، وإذا وقف على هذه الكلمة أمال ما قبل هاء التأنيث قولا واحدا . الكسائي
واعلم أن أقوى من مد البدل وعلى هذا يكون في هذه الآية المد العارض للسكون ستة أوجه قصر البدل وعليه في العارض ثلاثة أوجه القصر والتوسط والمد ، وتوسط البدل عليه توسط العارض ومده - ومد البدل عليه مد العارض فقط . [ ص: 20 ] لورش
أولئك مد المتصل وقد سبق بيان مذاهب القراء العشرة فيه مستوفى . ولو وقف عليه يكون له فيه وجهان بالنسبة للهمزة الثانية ، وهما تسهيلها مع المد والقصر . حمزة
وأولئك مثل الأول غير أن أربعة أوجه عند الوقف عليه : تحقيق الهمزة الأولى أو تسهيلها بين الهمزة والواو ، وعلى كل منهما تسهيل الثانية مع المد والقصر . لحمزة
عليهم أأنذرتهم أم قرأ بخلف عنه قالون والمكي بصلة ميم وأبو جعفر عليهم و أأنذرتهم وصلا ونظرا لوجود الهمزة يكون المد عند هؤلاء الواصلين مدا منفصلا فيكون للمكي فيه القصر قولا واحدا ، ويكون فيه وأبي جعفر القصر والمد وقد عرفت مقدار المد المنفصل عنده على المذهبين السابقين ، وقرأ لقالون كذلك بالصلة ولكن مع المد المشبع لأنه يمد المنفصل كذلك كما تقدم . ورش
وقرأ حمزة بضم الهاء من ويعقوب عليهم وصلا ووقفا ، والباقون بكسرها . وقرأ وأبو عمرو قالون بتسهيل الهمزة الثانية بينها وبين الألف مع إدخال ألف بينهما . وقرأ وأبو جعفر ابن كثير ورويس بتسهيل الثانية من غير إدخال ، وجهان : الأول مثل المكي ولورش ورويس والثاني إبدالها ألفا ، وحينئذ يلتقي ساكنان هذه الألف والنون التي بعدها فيمد مدا مشبعا بقدر ثلاث ألفات ولهشام وجهان كذلك وهما التحقيق والتسهيل مع الإدخال في كل منهما ، وقرأ الباقون بالتحقيق بدون إدخال ، وقرأ عن خلف بخلف عنه بالسكت على ميم حمزة عليهم وعلى ميم أأنذرتهم وصلا ووقفا ، والسكت يكون من غير تنفس وهذا مذهبه في كل ساكن وقع آخر كلمة وأتت بعده همزة . وإذا وقف على حمزة أأنذرتهم وحدها ، كان له فيها وجهان تسهيل الهمزة الثانية وتحقيقها . أما إذا وقف على عليهم أأنذرتهم فيكون أربعة أوجه السكت وتركه وعلى كل تسهيل الهمزة الثانية وتحقيقها . ويكون لخلاد وجهان فقط وهما تسهيل الهمزة وتحقيقها إذ لا سكت عنده . لخلف
واعلم أن لا نقل له في ميم الجمع في نحو حمزة أأنذرتهم أم ، بل له فيه وفي أمثاله التحقيق لخلف وخلاد ، والسكت لخلف وحده كما تقدم .
[ تتميم ] عند من يمد مقداره ألف واحدة أي حركتان فقط وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا المد من قبيل المد المتصل نظرا لوجود شرط المد وهو الألف وسببه وهو الهمز في كلمة واحدة . ولكن جمهور العلماء والمحققين على عدم الاعتداد بهذه الألف لأنها عارضة ، وإنما أتى بها لتكون حاجزة بين الهمزتين ومبعدة لإحداهما عن الأخرى لصعوبة النطق بهمزتين متلاصقتين ، فتأمل . المد الذي يكون بين الهمزتين
غشاوة ولهم و من يقول قرأ عن خلف بإدغام التنوين في الواو ، وإدغام النون الساكنة في الياء من غير غنة ، وقرأ الباقون بالإدغام مع الغنة . حمزة
آمنا بالله وباليوم الآخر في كل من آمنا و الآخر مد بدل وإن كان الأول محققا والثاني مغيرا بالنقل ، والمعتمد وجوب التسوية بينهما وعدم التفرقة فيقصران معا ويوسطان ويمدان كذلك [ ص: 21 ] وهكذا كل ما شابهه . وإذا نظرت إلى الوقف العارض في لورش بمؤمنين كان ستة أوجه قصر البدلين مع ثلاثة العارض وتوسطهما مع توسط العارض ومده ومدهما مع مد العارض ولا تنس ما في لفظ لورش الآخر لخلف وخلاد عن وصلا ووقفا ، وقد تقدم ذلك في حمزة وبالآخرة .
بمؤمنين أبدل همزه ورش والسوسي وصلا ووقفا وأبو جعفر عند الوقف . وحمزة
وحققه غيرهم مطلقا .
وما يخدعون قرأ نافع وابن كثير بضم الياء وفتح الخاء وألف بعدها وكسر الدال والباقون بفتح الياء وإسكان الخاء بلا ألف وفتح الدال ، وخلاف القراء إنما هو في الموضع الثاني المقيد بقوله تعالى وأبو عمرو وما وأما الموضع الأول وهو يخادعون الله فاتفقوا على قراءته كقراءة ومن معه في الموضع الثاني . نافع
عذاب أليم نقل حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذف الهمزة ، ولخلف وجهان السكت على الساكن المفصول وتركه إن وصل أليم بما بعده فإن وقف على أليم كان له ثلاثة أوجه السكت والنقل وتركهما. وأما ورش خلاد فليس له في الساكن المفصول إلا التحقيق من غير سكت إذا وصل أليم بما بعده فإن وقف عليه كان له وجهان النقل والتحقيق بلا سكت .
يكذبون قرأ الكوفيون بفتح الياء وسكون الكاف وتخفيف الذال ، والباقون بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال .
قيل في الموضعين ، قرأ هشام والكسائي ورويس بإشمام كسرة القاف الضم . قال صاحب غيث النفع : وكيفية ذلك أن تحرك القاف بحركة مركبة من حركتين ضمة وكسرة وجزء الضمة مقدم وهو الأقل ويليه جزء الكسرة وهو الأكثر ، والباقون بكسرة خالصة . انتهى مع بعض زيادة .
السفهاء ألا قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير وأبو جعفر ورويس بإبدال الهمزة الثانية واوا خالصة مفتوحة ، والباقون بتحقيقها ولا خلاف بين القراء العشرة في تحقيق الأولى ، وقد أشبعنا الكلام على ما يجوز من الأوجه في المد المتصل الموقوف عليه لكل القراء فارجع إليه عند قوله تعالى بما أنـزل إليك أول هذه السورة .
بقي أن نبين لك ما لحمزة من الأوجه في مثل هذا فنقول : إن وهشام هشاما يبدلان الهمزة ألفا عند الوقف من جنس ما قبله وحينئذ يجتمع ألفان فيجوز حذف إحداهما تخلصا من اجتماع ساكنين في كلمة واحدة ، ويجوز إبقاؤهما لجواز اجتماع الساكنين عند الوقف . فعلى حذف إحداهما يحتمل أن يكون المحذوف الأولى وأن يكون الثانية فعلى تقدير أن المحذوف هي الأولى يتعين القصر لأن الألف حينئذ تكون مبدلة من همزة فلا يجوز فيها إلا القصر مثل وحمزة بدأ و أنشأ عند الوقف عليهما . وعلى تقدير أن المحذوف هي الثانية يجوز المد والقصر لأنه حرف مد وقع قبل همز مغير بالبدل ثم الحذف . وعلى إبقائهما يتعين المد بقدر [ ص: 22 ] ثلاث ألفات . ووجه ذلك أن في الكلمة ألفين الألف الأولى والألف الثانية المبدلة من الهمزة وتزاد ألف ثالثة للفصل بين الألفين فيمد ست حركات لأن مقدار الألف حركتان ، وعلى هذا يكون في الوقف عليه وجهان القصر والمد . ويكون القصر على تقدير حذف الأولى أو الثانية .
ويكون المد على تقدير إبقاء الألفين أو حذف الثانية . وصرح العلماء بجواز التوسط فيه قياسا على سكون الوقف فيكون فيه ثلاثة أوجه عند إبدال الهمزة ألفا وهي القصر والتوسط والمد - وفيه وجهان آخران وهما تسهيل الهمزة بين بين مع رومها ويكون ذلك مع المد والقصر ، ووجه اشتراط روم الهمزة مع تسهيلها وعدم الاكتفاء بالتسهيل أن الوقف بالحركة الكاملة لا يجوز فمجموع الأوجه الجائزة لهشام في الوقف على السفهاء وأمثاله خمسة ، وهذه الأوجه الخمسة تجوز أيضا في الوقف على الهمز المتطرف الواقع بعد ألف إذا كان مجرورا أيضا نحو وحمزة من السماء .
واعلم أن يشارك هشاما في هذه الأوجه كلها ولا فرق بينه وبينه إلا في وجه التسهيل مع المد فإن حمزة يمد بمقدار ثلاث ألفات حمزة بمقدار ألفين ولا يخفى أن الروم في هذا وأمثاله يكون بلا تنوين . وهشاما
وإذا خلوا إلى فيه لورش ما في وحمزة عذاب أليم وصلا ووقفا .
مستهزئون هو مد بدل ففيه الثلاثة : القصر والتوسط والمد وهذا عند الوصل ، أما إذا وقف عليه فإذا كان يقرأ بمد البدل فلا يقف هنا إلا بالمد سواء اعتد بالعارض أم لا ; لأن سبب المد لم يتغير حالة الوقف بل ازداد قوة بسبب سكون الوقف وإن كان يقرأ بتوسط البدل فله عند الوقف التوسط إن لم ينظر إلى العارض والمد إن نظر إليه . وإذا كان يقرأ بالقصر فله عند الوقف القصر إن لم يعتد بالعارض وله التوسط والطول إن اعتد به ، وقس على هذا ما ماثله ، لورش عند الوقف ثلاثة أوجه الأول : تسهيل الهمزة بينها وبين الواو وهذا مذهب ولحمزة . الثاني : إبدالها ياء خالصة وهذا مذهب سيبويه ، الثالث : حذف الهمزة مع ضم الزاي ، هذه هي الأوجه الصحيحة وهناك أوجه أخرى لا تصح القراءة بها ، ولذا أهملنا ذكرها . وقرأ الأخفش بالحذف وضم الزاي مطلقا . أبو جعفر
يستهزئ فيه وأمثاله نحو يبرئ و ينشئ عند الوقف لهشام خمسة أوجه تقديرا وأربعة عمليا . وحمزة
الأول : إبدال الهمزة ياء ساكنة على القياس .
الثاني : تسهيلها بين بين مع الروم .
الثالث : إبدالها ياء مضمومة على الرسم وعلى مذهب ثم تسكن للوقف فيتحد هذا الوجه مع الوجه الأول في العمل ويختلف في التقدير . الأخفش
الرابع : كالثالث ولكن مع الإشمام . [ ص: 23 ]
الخامس : إبدالها ياء مضمومة أيضا مع الروم .
أضاءت عند الوقف عليه تسهيل الهمزة الثانية مع المد والقصر ، وقس على هذا نظائره من كل همزة وقعت متوسطة بعد ألف سواء كانت مفتوحة كهذا أم مضمومة نحو لحمزة نساؤكم أم مكسورة نحو نسائكم
- وليس في مثل هذا إلا التحقيق لأنه إنما يشارك لهشام في تغيير الهمز المتطرف فحسب . حمزة
لا يرجعون اتفق الأئمة العشرة على القراءة في هذا الموضع بفتح الياء وكسر الجيم .
لا يبصرون قرأ بترقيق الراء . وكذا يرقق كل راء مفتوحة أو مضمومة وقعت في وسط الكلمة أو في آخرها بشرط أن يكون قبلها كسرة أصلية أو ياء ساكنة ، نحو ورش فراشا و الطير و يغفر و سيروا وهذا إذا لم يقع بعدها حرف استعلاء ولم تتكرر فإن وقع بعدها حرف استعلاء أو تكررت فإنها تفخم لجميع القراء نحو الصراط و فرارا ، ولا يشترط مباشرة الكسرة للراء فإن حال بين الكسرة والراء ساكن فإنها ترقق له أيضا لأن الساكن حاجز غير حصين نحو إكراه و الذكر بشرط ألا يكون هذا الساكن حرف استعلاء فإن كان حرف استعلاء وجب تفخيمها نحو إصرا ، و وقرا ، واستثنوا من حروف الاستعلاء الخاء فقط فألحقوها بحروف الاستفال لضعفها بالهمس ولذلك رققوا " إخراج " حيث وقع . وإن وقع بعدها حرف استعلاء فخمت أيضا للجميع نحو إعراضا ; وهناك كلمات خرجت عن هذه القواعد سنقفك عليها في مواضعها إن شاء الله تعالى .
من السماء فيه عند الوقف عليه لحمزة ما في وهشام السفهاء من الأوجه .
فيه وصل الهاء وحده . ابن كثير
ظلمات ورعد وبرق يجعلون أدغم عن خلف بلا غنة والباقون مع الغنة . حمزة
أضاء فيه عند الوقف لحمزة إبدال الهمزة مع القصر والتوسط والمد وليس فيه غير ذلك ، وكذا الحكم في كل همز متطرف مفتوح وقع بعد ألف نحو شاء وجاء وهكذا . وهشام
أظلم غلظ اللام . ورش
وأبصارهم فيه عند الوقف عليه وجهان : تحقيق الهمزة وتسهيلها وكذلك الحكم في كل همز اعتبر متوسطا بسبب دخول حرف من الحروف الزوائد عليه ، وهي " ها " نحو لحمزة هاأنتم ، و " يا " نحو يا آدم ، واللام نحو لأنفسكم . والباء نحو بأبصارهم . والواو كهذا والفاء نحو فإذا . والهمزة نحو أأنذرتهم ، والسين نحو سأصرف ، والكاف نحو كأنهم . ولام التعريف نحو الأنهار .
فالحروف الزوائد الواقعة في القرآن عشرة كما علمت ، والتغيير في الهمز الواقع بعدها يكون حسب القواعد فيكون بإبدال الهمزة المفتوحة بعد الكسر ياء خالصة نحو بأسمائهم . وبإبدال [ ص: 24 ] المضمومة بعد الكسر ياء خالصة مضمومة أو تسهيلها بين بين نحو ولأتم ، وبتسهيل البواقي بين بين . والتغيير في الهمز الواقع بعد لام التعريف لا يكون إلا بالنقل .
شيء قرأ بالتوسط والمد وصلا ووقفا وكذا في كل ما ماثله من كل لين وقع بعده همزة في كلمة واحدة سواء كان حرف اللين ياء كهذا و ورش كهيئة أو واوا نحو السوء بفتح السين وإذا وقفت على مثل هذا فله فيه أربعة أوجه التوسط والطول وعلى كل منهما السكون المحض والروم . فإذا كان مرفوعا كان له عند الوقف ستة أوجه : التوسط والمد وعلى كل السكون المحض والروم والإشمام ، أما إذا كان منصوبا نحو شيئا فليس له فيه إلا الوجهان التوسط والطول . وأما عن خلف فله في هذا اللفظ السكت قولا واحدا عند الوصل سواء كان منصوبا أم مجرورا أم مرفوعا ، حمزة ولخلاد وجهان عند الوصل أيضا السكت وتركه ، وأما عند الوقف فإن كان منصوبا فيه وجهان : الأول : النقل أي نقل حركة الهمزة إلى الياء وحذف الهمزة ، الثاني : الإدغام أي إبدال الهمزة ياء وإدغام الياء التي قبلها فيها ، وهذا مذهب فلحمزة في الوقف على كل كلمة فيها همزة وكان قبلها ياء أصلية كما هنا فله فيها النقل والإدغام . وإن كان مجرورا كما هنا فله فيه أربعة أوجه النقل والإدغام . وعلى كل منهما السكون المحض والروم . حمزة
وإن كان مرفوعا فله فيه ستة أوجه : النقل والإدغام وعلى كل منهما السكون المحض والإشمام والروم .
يا أيها مد منفصل وتقدمت مذاهب القراء فيه : ولو وقف عليه كان فيه ثلاثة أوجه : تحقيق الهمزة مع المد ، وتسهيلها مع المد ، والقصر لأنه متوسط بحرف من الحروف الزوائد . لحمزة
فراشا رقق راءه . ورش
بناء ليس فيه مد بدل لأن الألف فيه مبدلة من التنوين لأجل الوقف فهي عارضة فلا يعتد بها ، وهكذا جميع ما ماثله نحو لورش دعاء ونداء وهزؤا و ملجأ . ولحمزة فيه عند الوقف تسهيل الهمزة مع المد والقصر كما في أضاءت ، ولا شيء فيه نظرا لتوسط الهمز بالألف المبدلة من التنوين وإن لم يكن لها صورة . لهشام
فأتوا أبدل همزه في الحالين ورش والسوسي وفي الوقف فقط وأبو جعفر وليس له فيه إلا الإبدال وإن كانت الفاء فيه زائدة نظرا لعدم إمكان النطق بالهمزة إلا متصلة بالفاء فكأن الهمزة في هذه الحال متوسطة بنفسها ، وقس على هذا ما أشبهه . حمزة
شهداءكم فيه لحمزة وقفا ما في بناء .
الأنهار لا يخفى ما فيه من النقل وصلا ووقفا . وفيه لورش عن لخلف وصلا السكت فقط ، ووقفا السكت والنقل ، وفيه حمزة لخلاد وصلا السكت وتركه ، ووقفا السكت والنقل كخلف وليس فيه تحقيق من غير سكت . قال ابن الجزري : لا أعلم هذا الوجه - التحقيق من [ ص: 25 ] غير سكت - في كتاب من الكتب ، ولا في طريق من الطرق - عن لأن أصحاب عدم السكت على لام التعريف عن حمزة أو عن أحد من رواته حالة الوصل مجمعون على النقل وقفا لا أعلم بين المتقدمين في هذا خلافا منصوصا يعتمد عليه ، وقد رأيت بعض المتأخرين يأخذ بهذا حمزة لخلاد اعتمادا على بعض شروح الشاطبية ، ولا يصح ذلك في طريق من طرقها ، انتهى .
خالدون منتهى الربع بالإجماع .
الممال
هدى معا لدى الوقف عليهما و بالهدى أمال الثلاثة الأصحاب ، وقللها بخلف عنه ، ورش أبصارهم معا أمالهما ودوري علي ،وقللهما أبو عمرو بلا خلاف ، ورش بالكافرين و للكافرين أمالهما أبو عمرو ودوري الكسائي ورويس وقللهما بلا خلاف . ورش الناس المجرور أماله دوري وحده . أبي عمرو فزادهم أماله ابن ذكوان ، وحمزة شاء أماله ابن ذكوان وحمزة ، وخلف طغيانهم و آذانهم أمالهما دوري علي . غشاوة أمالها بلا خلاف . و الكسائي مطهرة أمالها بالخلاف .
وهاهنا فوائد :
الأولى : ذكرنا ضمن الممال قولا واحدا للأصحاب لفظ هدى المنون عند الوقف عليه وهذا هو الصواب .
وأما ما ذكره الشاطبي من الخلاف في إمالته في قوله : وقد فخموا التنوين وقفا - إلخ ، ومراده بالتفخيم الفتح وبالترقيق الإمالة - فهو مذهب نحوي لا أدائي دعا إليه القياس لا الرواية كما قاله المحقق ابن الجزري ولذا لم يذكر الداني وغيره من أئمة الفن في كتاب الإمالة سوى الإمالة في هذا اللفظ وأمثاله ، قال صاحب ( غيث النفع ) وقد حكى غير واحد من أئمتنا الإجماع على هذا .
الثانية : ذكرنا أن يميل الكسائي غشاوة قولا واحدا ، و مطهرة بخلف عنه . وذلك أن في إمالة هاء التأنيث أو ما قبلها في الوقف مذهبين : الأول وهو المختار أنها تمال إذا وقع قبلها حرف من حروف " فجثت زينب لذود شمس " وهي خمسة عشر حرفا ، نحو : للكسائي خليفة ، و بهجة ، ، و ثلاثة ، و ميتة ، و أعزة ، و خشية ، و جنة ، و حبة ، و ليلة ، و لذة ، و قوة ، و بلدة ، و عيشة ، و رحمة ، و خمسة .
وكذلك تمال إذا وقع قبلها حرف من الحروف الأربعة المجموعة في لفظ " أكهر " بشرط أن يقع قبل كل حرف منها ياء ساكنة أو كسرة متصلة أو منفصلة بساكن نحو كهيئة و فئة ، والمؤتفكة ، و آلهة ، و وجهة ، و كبيرة ، و لعبرة ، وتفتح إذا وقع قبلها حرف من الحروف العشرة [ ص: 26 ]
المجموعة في قول " حق ضغاط عص خظا " نحو : النطيحة ، و الشاطبي طاقة ، و بعوضة ، و صبغة ، و الصلاة ، و بسطة ، و سبعة ، و خالصة ، و موعظة ، و الصاخة ، وكذلك تفتح إذا كان قبلها حرف من حروف " أكهر " ولم يكن قبلها ياء ساكنة أو كسرة متصلة أو منفصلة بساكن ، نحو : النشأة ، و براءة ، و امرأة ، و الشوكة ، و ببكة ، و التهلكة ، و مباركة ، و سفاهة ، و حسرة ، والعمرة ، و الحجارة ، و سفرة ، والمذهب الثاني : أنها تمال عند جميع حروف الهجاء ما عدا الألف .
وقد اختلف العلماء في إمالة هاء التأنيث عند هل هي ممالة مع ما قبلها أوالممال ما قبلها فقط ، فذهب إلى الأول بعض العلماء ومنهم الداني والشاطبي ، وذهب الجمهور إلى الثاني وجعل الكسائي ابن الجزري هذا الخلاف لفظيا حيث قال : ولا يمكن أن يكون بين القولين خلاف فباعتبار حد الإمالة وأنه تقريب الفتحة من الكسرة والألف من الياء فإن هذه الهاء لا يمكن أن يدعى تقريبها من الياء ولا فتحة فيها فتقرب من الكسرة ، وهذا مما لا يخالف فيه الداني ومن حذا حذوه ، وباعتبار أن الهاء إذا أميل ما قبلها فلابد أن يصحبها في صورتها حال من الضعف خفي يخالف حالها إذا لم يكن قبلها ممال وإن لم يكن الحال من جنس التقريب إلى الياء فسمي ذلك المقدار إمالة ، وهذا مما لا يخالف فيه الجمهور انتهى .
الثالثة : ذكرنا في الممال أن لفظ الناس المجرور يميله دوري قولا واحدا ولا إمالة فيه لغيره ، وهذا هو الصواب الذي لا معدل عنه ، وأما قول الشاطبي : وخلفهم في الناس في الجر حصلا ، فقد قال فيه العلماء إن الخلاف موزع ، ومعنى كلامه أنه اختلف عن أبي عمرو فروى عنه أبي عمرو الإمالة ، وروى عنه الدوري الفتح ، والله أعلم . السوسي
المدغم
" الصغير فما ربحت تجارتهم لجميع القراء .
" الكبير " الرحيم ملك . فيه هدى ، قيل لهم معا ، لذهب بسمعهم ، خلقكم ، جعل لكم ، وقد وافق رويس على إدغام السوسي لذهب بسمعهم ولكن بخلف عنه .
وهنا فوائد :
الأولى : إذا ذكرت شيئا من الإدغام الصغير فسأعزوه لقارئه ، وأما الإدغام الكبير فأترك عزوه لأنه معلوم أنه للسوسي وحده من طريق الشاطبية وأصلها في جميع الأمصار والأعصار .
الثانية : إذا كان قبل الحرف المدغم حرف علة سواء كان حرف مد ولين أم حرف لين فقط فيجوز فيه من الأوجه ما يجوز عند الوقف من القصر والتوسط والمد . فلا فرق عندهم بين المسكن للإدغام والمسكن للوقف . ومن الإشارة بالروم والإشمام ، ففي نحو يقول ربنا سبعة أوجه وفي نحو الصالحات سندخلهم أربعة أوجه ، وكلها معروفة . وفي نحو كيف فعل ثلاثة أوجه [ ص: 27 ] فقط ، وإذا لم يكن قبل الحرف المدغم حرف علة فإن كان منصوبا فلا شيء فيه سوى الإدغام الخالص نحو وشهد شاهد . وإن كان مضموما نحو سيغفر لنا ففيه ثلاثة أوجه : الإدغام المحض بلا روم ولا إشمام ; والإدغام المحض مع الإشمام ، والإدغام غير المحض مع الروم . وإن كان مجرورا نحو إلى الجنة زمرا ففيه وجهان : الإدغام الخالص من غير إشمام ولا روم ، والإدغام غير الخالص مع الروم .
وقد منع العلماء الروم والإشمام في الحرف المدغم إذا كان باء والمدغم فيه باء أو ميم نحو نصيب برحمتنا و يعذب من ، أو كان ميما والمدغم فيه ميم أو باء نحو يعلم ما و أعلم بكم ، ومنع بعض أهل الأداء الروم والإشمام في الفاء المدغمة في مثلها نحو تعرف في ، ووجه منع الروم والإشمام في الباء والميم والفاء أن هذه الحروف تخرج من الشفة ، وحينئذ يتعذر فعلهما في الإدغام دون الوقف ، وذهب بعض المحققين إلى جواز الروم في الصور السابقة دون الإشمام ، والمراد بالروم هنا الإخفاء والاختلاس ، وهو الإتيان بمعظم الحركة .
واعلم أن هناك فرقا بين الإشمام في باب الوقف والإشمام هنا ، فالإشمام في باب الوقف هو ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المضموم إشارة إلى أن حركة هذا الساكن هي الضم .
وأما الإشمام في هذا الباب فهو ضم الشفتين مع مقارنة النطق بالإدغام . ولا يعزب عن ذهنك أن الإشمام خاص بالحروف المضمومة والمرفوعة فحسب ، وأن الروم يدخل المرفوعة والمضمومة والمجرورة والمكسورة . ولا تخفى عليك الأمثلة ، والله تعالى أعلم .