( ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة الإنسان أو الجمعة ) أما الحاجة فلحديث عائشة رضي الله عنها { كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يخرج من معتكفه إلا لحاجة الإنسان } ولأنه معلوم وقوعها ، ولا بد من الخروج في تقضيتها فيصير الخروج لها مستثنى ، ولا يمكث بعد فراغه من الطهور لأن ما ثبت بالضرورة يتقدر بقدرها ، وأما الجمعة فلأنها من أهم حوائجه وهي معلوم وقوعها . وقال الشافعي رحمه الله : الخروج إليها مفسد لأنه يمكنه الاعتكاف في الجامع ، ونحن نقول : الاعتكاف في كل مسجد مشروع ، [ ص: 395 ] وإذا صح الشروع فالضرورة مطلقة في الخروج ، ويخرج حين تزول الشمس لأن الخطاب يتوجه بعده ، وإن كان منزله بعيدا عنه يخرج في وقت يمكنه إدراكها ويصلي قبلها أربعا ، وفي رواية ستا ، الأربع سنة ، والركعتان تحية المسجد ، وبعدها أربعا أو ستا على حسب الاختلاف في سنة الجمعة ، وسننها توابع لها فألحقت بها ، ولو أقام في مسجد الجامع أكثر من ذلك لا يفسد اعتكافه لأنه موضع اعتكاف إلا أنه لا يستحب لأنه التزم أداءه في مسجد واحد فلا يتمه في مسجدين من غير ضرورة ( ولو خرج من المسجد ساعة بغير عذر فسد اعتكافه ) عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لوجود المنافي وهو القياس ، وقالا : لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم [ ص: 396 ] وهو الاستحسان لأن في القليل ضرورة .


