قال ( فإذا كان من الغد رمى الجمار الثلاث بعد زوال الشمس كذلك ، وإن أراد أن يتعجل النفر إلى مكة نفر ، وإن أراد أن يقيم ( بمكة ) رمى الجمار الثلاث في اليوم الرابع بعد زوال الشمس ) لقوله تعالى : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } والأفضل أن يقيم لما روي { أن النبي عليه الصلاة والسلام صبر حتى رمى الجمار الثلاث في اليوم الرابع } . وله أن ينفر ما لم يطلع الفجر من اليوم الرابع [ ص: 499 ] فإذا طلع الفجر لم يكن له أن ينفر لدخول وقت الرمي ، وفيه خلاف الشافعي رحمه الله ( وإن ) ( قدم الرمي في هذا اليوم ) يعني اليوم الرابع ( قبل الزوال بعد طلوع الفجر ) ( جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ) وهذا استحسان ، وقالا لا يجوز اعتبارا بسائر الأيام ، وإنما التفاوت في رخصة النفر ، فإذ لم يترخص التحق بها ، ومذهبه مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولأنه لما ظهر أثر التخفيف في هذا اليوم في حق الترك فلأن يظهر في جوازه في الأوقات كلها أولى ، بخلاف اليوم الأول والثاني حيث لا يجوز الرمي فيهما إلا بعد الزوال في المشهور من الرواية ، لأنه لا يجوز تركه فيهما فبقي على أصل المروي . فأما يوم النحر فأول وقت الرمي من وقت طلوع الفجر . وقال الشافعي رحمه الله تعالى : أوله بعد نصف الليل [ ص: 500 ] لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا ليلا } . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { لا ترموا جمرة العقبة إلا مصبحين } ويروي { حتى تطلع الشمس } فيثبت أصل الوقت بالأول والأفضلية بالثاني . وتأويل ما روي الليلة الثانية والثالثة ، ولأن ليلة النحر وقت الوقوف والرمي يترتب عليه فيكون وقته بعده ضرورة . ثم عند أبي حنيفة رحمه الله يمتد هذا الوقت إلى غروب الشمس لقوله عليه الصلاة والسلام { إن أول نسكنا في هذا اليوم الرمي } ، جعل اليوم وقتا له وذهابه بغروب الشمس . وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يمتد إلى وقت الزوال ، والحجة عليه ما روينا . وإن أخر إلى الليل رماه ولا شيء عليه لحديث الدعاء . وإن أخر إلى الغد رماه لأنه وقت جنس الرمي ، وعليه دم عند أبي حنيفة رحمه الله لتأخيره عن وقته كما هو مذهبه .


