قال ( ومن فقد أحرم ) لقوله عليه الصلاة والسلام { قلد بدنة تطوعا أو نذرا أو جزاء صيد أو شيئا من الأشياء وتوجه معها يريد الحج } ولأن سوق الهدي في معنى التلبية في إظهار الإجابة لأنه لا يفعله إلا من يريد الحج أو العمرة ، وإظهار الإجابة قد [ ص: 515 ] يكون بالفعل كما يكون بالقول فيصير به محرما لاتصال النية بفعل وهو من خصائص الإحرام . وصفة التقليد أن يربط على عنق بدنته قطعة نعل أو عروة مزادة أو لحاء شجرة ( فإن قلدها وبعث بها ولم يسقها لم يصر محرما ) لما روي عن من قلد بدنة فقد أحرم رضي الله تعالى عنها أنها قالت : { عائشة } ( فإن توجه بعد ذلك لم يصر محرما حتى يلحقها ) لأن عند التوجه إذا لم يكن بين يديه هدي يسوقه لم يوجد [ ص: 516 ] منه إلا مجرد النية ، وبمجرد النية لا يصير محرما ، فإذا أدركها وساقها أو أدركها فقد اقترنت نيته بعمل هو من خصائص الإحرام فيصير محرما كما لو ساقها في الابتداء . قال ( إلا في بدنة المتعة فإنه محرم حين توجه ) معناه إذا نوى الإحرام وهذا استحسان . وجه القياس فيه ما ذكرنا . كنت أفتل قلائد هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فبعث بها وأقام في أهله حلالا
ووجه الاستحسان أن هذا الهدي مشروع على الابتداء نسكا من مناسك الحج وضعا لأنه مختص بمكة ، ويجب شكرا للجمع بين أداء النسكين ، وغيره قد يجب بالجناية وإن لم يصل إلى مكة فلهذا اكتفى فيه بالتوجه ، وفي غيره توقف على حقيقة الفعل