فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا [19]
فيه ستة أوجه من القراءات قرأ الحسن وأبو رجاء وأبو مالك وأبو جعفر وشيبة ونافع ويحيى بن وثاب والأعمش وعاصم وحمزة والكسائي ربنا باعد بين [ ص: 342 ] أسفارنا وقرأ مجاهد وابن كثير (ربنا بعد بين أسفارنا) وقرأ وأبو عمرو محمد ابن الحنفية ويروى عن ابن عباس وأبي صالح (ربنا باعد بين أسفارنا)، وقرأ يحيى بن يعمر وعيسى بن عمر ، وتروى عن (ربنا بعد بين أسفارنا)، وقرأ ابن عباس سعيد بن أبي الحسن وهو أخو (فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا) فهذه خمس قراءات، وروى الحسن البصري الفراء السادسة (ربنا بعد بين أسفارنا). قال وأبو إسحاق : القراءة الأولى ربنا نصب على أنه نداء مضاف وهو منصوب على أنه مفعول به لأن معناه ناديت ودعوت، وكذلك القراءة الثانية و"باعد" و"بعد" واحد في المعنى، كما تقول: قارب وقرب، والمعنى على ما روى أبو جعفر محمد بن ثور عن معمر عن قال: كانوا آمنين يخرجون إلى أسفارهم ولا يتزودون يبيتون في قرية ويقيلون في قرية فبطروا النعمة فقالوا: ربنا بعد بين أسفارنا فعاقبهم الله جل وعز، والقراءة الثالثة "ربنا" رفع بالابتداء و"باعد" فعل ماض في موضع الخبر، وكذا الرابعة، وقد فسرها قتادة قال: شكوا أن ربهم باعد بين أسفارهم. القراءة الخامسة (ربنا بعد بين أسفارنا) "ربنا" نداء مضاف ثم أخبروا بعد ذلك فقالوا: "بعد بين أسفارنا" ورفع "بين" بالفعل أي بعد ما يتصل بأسفارنا. والقراءة السادسة مثل هذه إلا أنها تنصب "بين" على أنه ظرف، وتقديره في العربية بعد سيرنا بين أسفارنا. ابن عباس
[ ص: 343 ] وهذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال: إحداها أجود من الأخرى، لا يقال ذلك في الأخبار إذا اختلفت معانيها ولكن خبر عنهم أنهم دعوا أن يبعد بين أسفارهم بطرا وأشرا، وخبر أنهم لما فعل بهم ذلك خبروا به وشكوا، كما قال ابن عباس وظلموا أنفسهم أي بكفرهم فجعلناهم أحاديث أي يتحدث بهم بأخبارهم، وتقديره في العربية ذوي أحاديث. ومزقناهم كل ممزق أي لما لحقهم ما لحقهم تفرقوا وتمزقوا. قال : فلحقت الشعبي الأنصار بيثرب، وغسان بالشام، وأسد بعمان، وخزاعة بتهامة إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور صبار تكثير صابر، والصابر الذي يصبر عن المعاصي يمدح بهذا الاسم، وإن أردت أنه صبر على المعصية لم يستعمل فيه إلا صابر عن كذا قال جل وعز: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب