وكنا أردنا أن نتصرف في قصائد مشهورة ، فنتكلم عليها ، وندل على معانيها ومحاسنها ، ونذكر لك من فضائلها ونقائصها ، ونبسط لك القول في هذا الجنس ، ونفتح عليك في هذا النهج . 
ثم رأينا هذا خارجا عن غرض كتابنا ، والكلام فيه يتصل بنقد الشعر وعياره ، ووزنه بميزانه ومعياره ، ولذلك كتب وإن لم تكن مستوفاة ، وتصانيف وإن لم تكن مستقصاة . 
وهذا القدر يكفي في كتابنا ، ولم نحب أن ننسخ لك ما سطره الأدباء في خطإ امرئ القيس  في العروض والنحو والمعاني ، وما عابوه عليه في أشعاره ، وتكلموا به على ديوانه . لأن ذلك أيضا خارج عن غرض كتابنا ، ومجانب لمقصوده . 
وإنما أردنا أن نبين الجملة التي بيناها . لتعرف أن طريقة الشعر شريعة مورودة ، ومنزلة مشهودة ، يأخذ منها أصحابها على مقادير أسبابهم ، ويتناول منها ذووها على حسب أحوالهم . 
وأنت تجد للمتقدم معنى قد طمسه المتأخر بما أبر عليه فيه ، وتجد للمتأخر معنى قد أغفله المتقدم ، وتجد معنى قد توافدا عليه ، وتوافيا إليه ، فهما فيه شريكا عنان ، وكأنهما فيه رضيعا لبان ، والله يؤتي فضله من يشاء . 
* * 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					