فإن لم يستحب له قراءتها في الأخيرتين ، ولو قرأها فيهما لسرعة قراءته وبطء قراءة إمامه أو لكون الإمام قرأها فيهما أو بطيء الحركة لم يقرأها في الأخيرتين ( ولا سورة للمأموم ) في جهرية ( بل يستمع ) وتكره له قراءتها كما هو ظاهر للنهي الصحيح عن قراءتها خلفه ، والأصل في ذلك قوله تعالى { سقطت قراءتها عنه لكونه مسبوقا وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } والاستماع مستحب لا واجب ، والمشهور أن السنة في حقه تأخير قراءة الفاتحة في الأوليين إلى ما بعد فاتحة إمامه ، فإن لم يسمع لبعد أو غيره فقد قال المتولي : يقدر ذلك بالظن ، ولم يذكروا ما يقوله غير السامع في زمن سكوته ، ويشبه أن يقال يطيل دعاء الافتتاح الوارد في الأحاديث أو يأتي بذكر آخر ، أما السكوت المحض فبعيد ، وكذا قراءة غير الفاتحة فيتعين استحباب أحد هذين ( فإن ) لم يستمع قراءته كأن ( بعد ) عن إمامه أو كان أصم أو سمع صوتا لم يفهمه ( أو كانت ) صلاته ( سرية ) وأسر فيها إمامه أو جهرية ولم يجهر فيها كما مر ( قرأ ) المأموم السورة ( في الأصح ) إذ سكوته لا معنى له ، ومقابل الأصح لا يقرأ مطلقا لإطلاق النهي ، ويسن لكل من إمام ومنفرد جهر في صبح وأوليي مغرب وعشاء وإمام في جمعة للاتباع ، والإجماع في الإمام ، وقيس عليه المنفرد ، ويسر كل منهم فيما سوى ذلك ، ثم ما تقرر في المؤداة أما الفائتة فالعبرة فيها بوقت القضاء فيجهر من غروب الشمس إلى طلوعها ويسر فيما سوى ذلك ، وعلم من ذلك أنه أسر في الثانية وإن كانت أداء وهو الأوجه . لو أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس ثم طلعت
نعم يستثنى صلاة العيد فيجهر في قضائها كالأداء كما قاله الإسنوي ، هذا كله بالنسبة للذكر ، أما الأنثى والخنثى فيجهران إن لم يسمعهما أجنبي ويكون جهرهما دون جهر الذكر ، فإن كان ثم أجنبي يسمعهما كره بل يسران ، فإن جهرا لم تبطل صلاتهما .
ووقع في المجموع والتحقيق أن الخنثى يسر بحضرة الرجال والنساء ، ورده في المهمات لأنه بحضرة النساء إما ذكر أو أنثى ، ويستحب له الجهر في الحالتين ، ويجوز حمل كلامهما على إسراره حال اجتماع الرجال والنساء ، ، فإن كانت مطلقة وفعلها ليلا سن له توسط بين جهر وإسرار وإن لم يخف رياء أو تشويشا على مصل أو نائم ، وإلا سن له الإسرار كما في المجموع . ويجهر في نحو عيد وخسوف قمر واستسقاء [ ص: 494 ] وتراويح ووتر في رمضان وركعتي طواف وقت جهر
ويقاس على ما ذكر من يجهر بذكر أو قراءة بحضرة من يشتغل بمطالعة أو تدريس أو تصنيف كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، قال : ولا خفاء أن الحكم على كل من الجهر والإسرار بكونه سنة من حيث ذاته ، والمراد بالتوسط أن يزيد على أدنى ما يسمع نفسه من غير أن تبلغ الزيادة إلى سماع من يليه وفيه عسر ، ولعله ملحظ قول بعضهم لا يكاد يتحرر ، وفسره بعضهم بأن يجهر تارة ويسر أخرى كما ورد من فعله صلى الله عليه وسلم ، واستحسنه الزركشي قال : ولا يستقيم تفسيره بغير ذلك بناء على ما ادعاه من عدم تعقل واسطة بينهما وقد علم تعقلها ، ويستحب ، ويشتغل حينئذ بدعاء أو ذكر أو قراءة سرا قاله في المجموع ، والقراءة أولى والسكتات المستحبة في الصلاة أربع على المشهور : سكتة بعد تكبيرة الإحرام يفتتح فيها ، وثانية بين ولا الضالين وآمين ، وثالثة للإمام بين التأمين في الجهرية وقراءة السورة بقدر قراءة المأموم الفاتحة ، ورابعة قبل تكبيرة الركوع . سكوت الإمام بعد تأمينه في الجهرية قدر ما يقرأ المأموم الفاتحة
وتسمية كل من الأولى والثالثة سكتة مجاز فإنه لا يسكت حقيقة لما تقرر فيهما قاله في المجموع ، وعدها الزركشي خمسة الثلاثة الأخيرة وسكتة بين تكبيرة الإحرام والافتتاح وسكتة بين الافتتاح والقراءة ، وعليه لا مجاز إلا في سكتة الإمام بعد التأمين ( ويسن ) لمنفرد وإمام محصورين متصفين بما مر رضوا بالتطويل [ ص: 495 ] ( للصبح والظهر طوال المفصل ) بكسر الطاء جمع والمفرد طويل ( وللعصر والعشاء أوساطه وللمغرب قصاره ) ويستحب له أن يقرأ في الظهر بقريب من الطوال كما في الروضة ، وإطلاق المصنف محمول على ذلك ، والحكمة فيما ذكر أن وقت الصبح طويل وصلاته ركعتان فناسب تطويلهما ، ووقت المغرب ضيق فناسب فيه القصار ، وأوقات الظهر والعصر والعشاء طويلة ، ولكن الصلوات طويلة أيضا ، فلما تعارض ذلك رتب عليه التوسط في غير الظهر والعصر والعشاء من الطوال ، ويستثنى كما قاله في مختصره الشيخ أبو محمد والغزالي في عقود المختصر وإحيائه صلاة الصبح للمسافر فإن المستحب أن يقرأ في الأولى منها قل يأيها الكافرون والثانية الإخلاص وأول المفصل الحجرات على الأصح من عشرة أقوال ، وطواله كما قاله ابن الرفعة وغيره كقاف والمرسلات وأوساطه كالجمعة وقصاره كالعصر والإخلاص والمفصل : المبين قال تعالى { كتاب فصلت آياته } أي جعلت تفاصيل في معان مختلفة ،