[ ص: 108 ] باب أسباب الحدث الأصغر
إذ هو المراد عند الإطلاق غالبا ، والأسباب جمع سبب وهو الوصف الظاهر المنضبط المعرف للحكم ، ويعبر عنه بأنه الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم . والباب ما يتوصل منه إلى غيره ، وفي الاصطلاح اسم لجملة مختصة من العلم مشتملة على فصول ومسائل .
والحدث لغة : الشيء الحادث كما تقدم .
وشرعا : يطلق على أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع صحة الصلاة حيث لا مرخص ، وعلى الأسباب التي ينتهي بها الطهر ، وعلى المنع [ ص: 109 ] المترتب على ذلك ، والمراد هنا الثاني وإن أوهمت عبارة المصنف تفسير الحدث بغير الثاني إلا أن تجعل الإضافة بيانية . وقدم هنا هذا الباب كأصله على الوضوء ; لأن الإنسان يولد محدثا ، فكان الأصل في الإنسان ذلك ولا يولد جنبا ، فناسب تأخير الغسل مطلقا وتأخيره في الروضة كأصلها عن الوضوء يوجه بأن الرفع للطهارة فرع وجودها ( هي ) أي الأسباب ( أربعة ) فقط ثابتة بالأدلة وعلة النقض بها غير معقولة فلا يقاس عليها ، وأما شفاء دائم الحدث وما ألحق به فمذكور في بابه مع أنه نادر ، وأما أسباب الحدث ; لأنها لا تحبط العمل إلا إن اتصلت بالموت . الردة فلا تنقض الوضوء
ونزع الخف يوجب غسل الرجلين فقط وإعادة التيمم ، وما ألحق به من وضوء نحو السلس مذكور حكمه في بابه ، فلا نقض بالقهقهة في الصلاة ولا بالبلوغ بالسن ولا بأكل لحم الجزور وإن اختار المصنف من جهة الدليل النقض به وذكر أن فيه حديثين صحيحين ليس عنهما جواب ، وقد ذكرنا [ ص: 110 ] جواب ذلك في شرح العباب ، ومما يضعف النقض به أن القائل به لا يعديه إلى شحمه وسنامه ، مع أنه لا فرق . ورد ذلك بأنهما لا يسميان لحما كما في الأيمان فأخذ بظاهر النص . ويجاب بأنه عمم عدم النقض بالشحم مع شموله لشحم الظهر والجنب الذي حكم العلماء في الأيمان بشمول اللحم له ، ولا نقض أيضا بالنجاسة الخارجة من غير الفرج كقيء وفصد وحجامة ، لما روي من { ذات الرقاع ، فقام أحدهما يصلي فرماه رجل من الكفار بسهم فنزعه وصلى ودمه يجري ، وعلم به صلى الله عليه وسلم ولم ينكره } . أن رجلين من أصحابه صلى الله عليه وسلم حرسا المسلمين في غزوة
وأما صلاته مع الدم فلقلة ما أصابه منه ( أحدها ) عينا أوريحا طاهرا أو نجسا جافا أو رطبا معتادا كبول ، أو نادرا كدم انفصل أو لا ، حتى لو أدخل في ذكره ميلا ثم أخرجه انتقض ، ثبت ذلك في نحو الغائط بالنص كقوله تعالى { خروج شيء من قبله أو دبره أو جاء أحد منكم من الغائط } الآية ، وقوله صلى الله عليه وسلم { } وألحق بذلك ما عداه من كل خارج ، ومحل ما ذكره في الواضح ، أما المشكل [ ص: 111 ] فإن خرج من فرجيه معا نقض وإلا فلا ، وتعبيره أحسن من تعبير أصله ، والتنبيه بالسبيلين إذ للمرأة ثلاث مخارج اثنان من قبل وواحد من دبر ، ولشموله ما لو خلق له ذكران فإنه ينتقض بالخارج من كل منهما ، وكذا لو خلق للمرأة فرجان ( إلا المني ) من نفسه الخارج أول مرة فلا ينقض الوضوء كأن فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ; لأنه أوجب أعظم الأمرين وهو الغسل بخصوصه فلا يوجب أدونهما بعمومه كزنا المحصن ، وإنما أوجبه الحيض والنفاس مع إيجابهما الغسل ; لأنهما يمنعان صحة الوضوء مطلقا فلا يجامعانه ، بخلاف خروج المني يصح معه الوضوء في صورة سلس المني فيجامعه . احتلم النائم قاعدا على وضوئه
ولو ألقت ولدا جافا وجب عليها الغسل ولا ينتقض وضوءها كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى تبعا للزركشي وغيره ، وهو وإن انعقد من منيها ومنيه لكن استحال إلى الحيوانية فلا يلزم أن يعطى سائر أحكامه ; ولو ألقت بعض ولد كيد انتقض وضوءها ولا غسل عليها . ومن فوائد عدم النقض بالمني صحة قطعا كما اقتضاه كلام صلاة المغتسل بدون وضوء ابن الرفعة ، ولو قلنا بالنقض لكان فيها بدون وضوء خلاف [ ص: 112 ] ونية السنية بوضوئه قبل الغسل ، ولو نقض لنوى به رفع الحدث . وقول بعضهم إن من فوائده أيضا أنه لو تيمم للجنابة لعجزه عن الماء صلى ما شاء من الفرائض ما لم يحدث أو يجد الماء ; لأنه يصلي بالوضوء وتيممه إنما هو عن الجنابة ، رد بأنه غلط ، إذ الجنابة مانعة من صحة الفرض الثاني بدون تيمم بينهما ; لأن التيمم لا يبيح للجنب ولا للمحدث أكثر من فرض