الرابع : في قال حكمه قاضي خان في فتاويه اتفق أصحابنا في الروايات الظاهرة أن الماء المستعمل في البدن لا يبقى طهورا ا هـ .
وقال في الهداية : أنه لا يزيل الأحداث قال الشارحون : إن هذا حكمه وقالوا : قيد بالأحداث لما أنه يزيل الأنجاس على ما روى عن محمد أن الماء المستعمل طاهر غير طهور ; لأن إزالة النجاسة الحقيقية تجوز بالمائعات عند أبي حنيفة صرح به القوام أبي حنيفة الأتقاني والكاكي في المعراج وصاحب النهاية وغيرهم هذا ، وإن كان الماء المستعمل طاهرا عند لكن لا تجوز به إزالة النجاسة الحقيقية عنده ; لأن عنده لا يجوز إزالتها إلا بالماء المطلق وقد قدمنا أن الماء المستعمل ليس بمطلق وبهذا يندفع ما توهمه بعض الطلبة في عصرنا أن الماء المستعمل يزيل الأنجاس عند محمد لما أنه يقول بطهارته ، فهو حفظ شيئا وغابت عنه أشياء واندفع أيضا ما توهمه بعض المشتغلين أن الماء المستعمل لا يزيل الأنجاس اتفاقا لما أنه عند محمد أبي حنيفة نجس فلا يزيل وأبي يوسف ، وإن كان يقول بطهارته فعنده لا يزيل إلا الماء المطلق كما قدمناه ; لأنه حفظ رواية النجاسة عن ومحمد ونسي رواية الطهارة عنه التي اختارها المحققون وأفتوا بها . أبي حنيفة
وذكر في المجتبى عن وشرح الإرشاد وصلاة الجلالي أنه يجوز القدوري على الرواية الظاهرة . إزالة النجاسة بالماء المستعمل
وما ذكرنا من حكمه عندنا ، فهو مذهب الشافعي ورواية عن وأحمد ، وذهب مالك الزهري ومالك والأوزاعي في أشهر الروايتين عنهما إلى أنه مطهر واختاره وأبو ثور واحتجوا بقوله تعالى { ابن المنذر وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ; لأن الطهور ما يطهر غيره مرة بعد أخرى ، ويحتج لأصحابنا ومن تبعهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم احتاجوا في مواطن من أسفارهم الكثيرة إلى الماء ولم يجمعوا المستعمل لاستعماله مرة أخرى ، فإن قيل تركوا الجمع ; لأنه لا يجتمع منه شيء ، فالجواب أن هذا لا يسلم ، وإن سلم في الوضوء لا يسلم في الغسل ، فإن قيل لا يلزم من عدم جمعه منع الطهارة به ; ولهذا لم يجمعوه للشرب والطبخ والعجن والتبرد ونحوها فالجواب أن ترك جمعه للشرب ونحوه للاستقذار ، فإن النفوس تعافه للعادة ، وإن كان طاهرا كما { } ، وأما الطهارة مرة ثانية ، فليس فيه استقذار فتركه يدل على امتناعه ، وأما الجواب عن احتجاجهم فيعلم مما قدمناه في أول بحث المياه من أن الطهور ليس هو المطهر لغيره فضلا عن التكرار ، وبما ذكرناه اندفع ما ذكره استقذر النبي صلى الله عليه وسلم الضب وتركه فقيل أحرام هو قال ولا ولكني أعافه صدر الشريعة بقوله ، ونحن نقول لو كان طاهرا لجاز في السفر الوضوء به ثم الشرب ، ولم يقل أحد بذلك ا هـ .
لما علمت أن عدم شربه للاستقذار مع طهارته لا لعدمها