قال رحمه الله أما العقل فلأن بذهابه تذهب منافع الأعضاء كلها لأن أفعال المجنون تجري مجرى أفعال البهائم . ( وفي العقل والسمع والبصر والشم والذوق ) يعني تجب في كل واحد منهما دية كاملة
وأما السمع فلأنه بفواته يفوت جنس المنفعة على الكمال وهو منفعة الاستماع ، وأما الشم فلأن بفواته يفوت إدراك الروائح الطيبة والتفرقة بين الرائحة الطيبة والخبيثة ، وأما الذوق فلأن بفواته يفوت إدراك الحلاوة والمرارة والحموضة وقد روي عن رضي الله عنه أنه قضى لرجل على رجل بأربع ديات بضربة واحدة وقعت على رأسه ذهب بها عقله وسمعه وبصره وكلامه وقال عمر لا يعرف الذهاب والقول قول الجاني لأنه المنكر ولا يلزمه شيء إلا إذا صدقه أو نكل عن اليمين وقيل ذهاب البصر تعرفه الأطباء فيكون فيه قول رجلين عدلين منهم حجة فيه وقيل يستقبل به الشمس مفتوح العينين ، فإذا دمعت عينه علم أنها باقية وإلا فلا وقيل يلقي بين يديه حية ، فإن هرب منها علم أنها لم تذهب ، وإن لم يهرب فهي ذاهبة وطريق معرفة ذهاب السمع أن يغافل ثم ينادى ، فإن أجاب علم أنه لم يذهب وإلا فهو ذاهب وروى أبو يوسف إسماعيل بن حماد أن امرأة ادعت أنها لا تسمع وتطارشت في مجلس حكمه فاشتغل بالقضاء عن النظر إليها ثم قال لها فجأة غطي عورتك فاضطربت وتسارعت إلى جمع ثيابها فظهر كذبها .