أعظم المساجد حرمة المسجد الحرام ثم مسجد المدينة ثم مسجد بيت المقدس ثم الجوامع ثم مساجد المحال ثم مساجد الشوارع فإنها أخف مرتبة حتى لا يعتكف فيها أحد إذا لم يكن لها إمام معلوم ومؤذن ثم مساجد البيوت فإنه لا يجوز الاعتكاف فيها إلا للنساء وإذا قسم أهل المحلة المسجد وضربوا فيه حائطا ولكل منهم إمام على حدة ومؤذنهم واحد لا بأس به والأولى أن يكون لكل طائفة مؤذن كما يجوز لأهل المحلة أن يجعلوا المسجد الواحد مسجدين فلهم أن يجعلوا المسجدين واحدا لإقامة الجماعات أما للتدريس أو للتذكير فلا لأنه ما بني له وإن جاز فيه ولا يجوز عند التعليم في دكان في فناء المسجد وعندهما يجوز إذا لم يضر بالعامة ا هـ . أبي حنيفة
ما في القنية ولا يخفى أن المسجد الجامع تدبيره وعمارته وإصلاحه للإمام أو نائبه كما صرحوا به في كتاب القسامة فللإمام أو نائبه أن يجعل الجامع مسجدين بضرب حائط ونحوه كما لأهل المحلة . ولا بد أن نذكر فنقول هي على حذف مضاف أي تحية رب المسجد لأن المقصود منها التقرب إلى الله تعالى لا إلى المسجد لأن الإنسان إذا دخل بيت الملك فإنما يحيي الملك لا بيته كذا ذكره أحكام تحية المسجد العلامة الحلبي وقد حكى الإجماع على سنيتها غير أن أصحابنا يكرهونها في الأوقات المكروهة تقديما لعموم الحاظر على عموم المبيح وقد قدمنا أنه إذا تكرر دخوله في كل يوم فإنه يكفيه ركعتان لها في اليوم وذكر في الغاية أنها لا تسقط بالجلوس عند أصحابنا فإنه قال في فهو بالخيار عندنا إن شاء صلى تحية المسجد عند دخوله وإن شاء صلاها عند انصرافه فلم تسقط بالجلوس لأنها لتعظيم المسجد وحرمته ففي أي وقت صلاها حصل المقصود من ذلك ا هـ . الحاكم إذا دخل المسجد للحكم
وفي الظهيرية ثم اختلفوا في صلاة التحية أنه يجلس ثم يقوم ويصلي أو يصلي قبل أن يجلس قال بعضهم يجلس ثم يقوم وعامة العلماء قالوا يصلي كلما يدخل المسجد . ا هـ .
قلت ويشهد لقول العامة وهو الصحيح كما في القنية ما في الصحيحين عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي قتادة الأنصاري } وإنما قلنا بعدم إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين لما أخرجه سقوطها بالجلوس في صحيحه { ابن حبان قال دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده فقال يا أبي ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما فقمت فركعتهما أبا ذر } ا هـ . عن
وقد قالوا إن كل صلاة صلاها عند دخوله فرضا أو سنة فإنها تقوم مقام التحية بلا نية كما في البدائع وغيره فلو فظاهر ما في المحيط وغيره أنه يصح [ ص: 39 ] عندهما وعند نوى التحية مع الفرض لا يكون داخلا في الصلاة فإنهم قالوا لو محمد فإنه يجوز عن الفرض عند نوى الدخول في الظهر والتطوع وهو رواية عن أبي يوسف وعند أبي حنيفة لا يكون داخلا وصرح في الظهيرية بكراهة الحديث أي محمد لكن قيده بأن يجلس لأجله وفي فتح القدير الكلام المباح فيه مكروه يأكل الحسنات وينبغي تقييده بما في الظهيرية أما إن جلس للعبادة ثم بعدها تكلم فلا وأما كلام الناس في المسجد فاختلف المشايخ فيه وفي التجنيس الأشبه بما تقدم من المسائل أنه يكره لأنه ما أعد لذلك وإنما بني لإقامة الصلاة وأما النوم في المسجد فمكروه لأنه لم يبن له وعن الفقيه الجلوس في المسجد للمصيبة أنه لا بأس به { أبي الليث لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل جعفر جلس في المسجد والناس يأتونه ويعزونه وزيد بن حارثة } والمفتى به أنه لا يلازم غريمه في المسجد لأن المسجد بني لذكر الله تعالى ويجوز ولا بأس به للقضاء كالتدريس والفتوى . ا هـ . وسيأتي إن شاء الله تعالى بقية أحكام المسجد في الوقف والكراهية والجنايات ومسألة الجلوس في المسجد لغير الصلاة مذكورة في الخلاصة وغيرها بتفاريعها . الذهاب إلى الأقدم أو إلى مسجد حيه أو إلى من كان إمامه أصلح
[ ص: 38 - 39 ]