الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن تعمد المحرم شم الطيب ولم يمسه أتكون عليه الفدية في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه شيئا . قلت : ما قول مالك في المحرم يكتحل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا بأس أن يكتحل المحرم من حر يجده في عينيه ، قلت : بالإثمد وغير الإثمد من الأكحال الصبر والمر وغير ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم لا بأس للرجل عند مالك إذا كان من ضرورة يجدها إلا أن يكون فيه طيب فإن كان فيه طيب افتدى ، قلت : فإن اكتحل الرجل من غير حر يجده في عينيه وهو محرم لزينة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : كان مالك يكره له أن يكتحل لزينة ، قلت له : فإن فعل واكتحل لزينة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى أن تكون عليه الفدية ، قلت : فالمرأة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : لا تكتحل المرأة لزينة ، قلت : أفتكتحل بالإثمد في قول مالك لغير زينة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك الإثمد هو زينة فلا تكتحل المحرمة به ، قلت : فإن اضطرت إلى الإثمد من وجع تجده في عينها فاكتحلت ، أيكون عليها في قول مالك الفدية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا فدية عليها ، كذلك قال مالك لأن الإثمد ليس بطيب ولأنها إنما اكتحلت به لضرورة ولم تكتحل به لزينة ، قلت : فإن اكتحلت بالإثمد لزينة أيكون عليها الفدية في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم كذلك قال مالك . قلت لابن القاسم : فما بال الرجل والمرأة جميعا إذا اكتحلا بالإثمد من ضرورة لم يجعل عليهما مالك الفدية ، وإذا اكتحلا لزينة جعل عليهما الفدية ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ألا ترى أن المحرم لو دهن يديه أو رجليه بالزيت في قول مالك للزينة كانت عليه الفدية ، وإن دهن شقوقا في يديه أو رجليه بالزيت لم يكن عليه الفدية ، فالضرورة عند مالك مخالفة لغير الضرورة في هذا وإن كان الإثمد ليس بطيب فهو مثل الزيت عند مالك ، لأن الزيت ليس بطيب .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية