الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  22 قال وهيب: حدثنا عمرو الحياة، وقال: خردل من خير.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  الكلام فيه من وجوه:

                                                                                                                                                                                  الأول: أن هذا من باب تعليقات البخاري، ولكنه أخرجه مسندا في كتاب الرقاق عن موسى بن إسماعيل، عن وهيب، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، به. وسياقه أتم من سياق مالك، لكنه قال: " من خردل من إيمان ". كرواية مالك، وقد اعترض على البخاري بهذا، ولا يرد عليه; لأن أبا بكر بن أبي شيبة أخرج هذا الحديث في مسنده، عن عفان بن مسلم، عن وهيب، فقال: " من خردل من خير " كما علقه البخاري، وقد أخرج مسلم عن أبي بكر هذا، لكن لم يسق لفظه.

                                                                                                                                                                                  الثاني: في إيراد البخاري هذه الزيادة من حديث وهيب. هنا فوائد:

                                                                                                                                                                                  منها قول وهيب: حدثنا عمرو آتيا بلفظ التحديث بخلاف مالك فإنه أتى بلفظة: عن، وفيها خلاف معروف: هل يدل على الاتصال والسماع أم لا، فأزال البخاري بهذه الزيادة توهم الخلاف مع أن مالكا غير مدلس، والمشهور عند أهل هذا الفن أن لفظة " عن " محمولة على الاتصال إذا لم يكن المعنعن مدلسا.

                                                                                                                                                                                  ومنها إزالة الشك الذي جاء في حديث مالك عن عمرو في قوله: " الحياء أو الحياة " فأتى به وهيب مجردا من غير شك، فقال: نهر الحياة.

                                                                                                                                                                                  ومنها قوله: " من خير " ، وتقدم الكلام عليه.

                                                                                                                                                                                  الثالث: قوله: " الحياة " بالجر على الحكاية، والمعنى أن وهيبا وافق مالكا في روايته لهذا الحديث عن عمرو بن يحيى بسنده، وجزم بقوله في نهر الحياة، ولم يشك كما شك مالك رحمه الله تعالى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وقال خردل من خير " : بجر خردل أيضا على الحكاية، أي: قال وهيب في روايته: مثقال حبة من خردل من خير، فخالف مالكا أيضا في هذه اللفظة كما ذكرنا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وهيب " ، بضم الواو، وفتح الهاء، وسكون الياء، آخر الحروف، وفي آخره باء موحدة ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم البصري، روى عن هشام بن عروة، وأيوب، وسهيل، وعمرو بن يحيى، وغيرهم، روى عنه القطان، وابن مهدي، وأبو داود الطيالسي، وخلق كثير، اتفق على توثيقه، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة، وكان يملي من حفظه، مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة، روى له الجماعة وقد سجن فذهب بصره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حدثنا عمرو " ، بفتح العين، هو عمرو بن يحيى المازني، وقد مر ذكره عن قريب.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية