الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  257 13 - حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن كريب ، عن ابن عباس ، عن ميمونة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة فغسل فرجه بيده ، ثم دلك بها الحائط ، ثم غسلها ، ثم توضأ وضوءه للصلاة ، فلما فرغ من غسله غسل رجليه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة الحديث للترجمة في قوله : ثم دلك الحائط بها .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : هذه الترجمة قد علمت من حديث الباب المتقدم في قوله : " ثم قال بيده الأرض فمسها بالتراب " ، فما فائدة التكرار ؟ قلت : قال الكرماني : غرض البخاري من أمثاله الشعور باختلاف استخراجات الشيوخ ، وتفاوت سياقاتهم مثلا عمر بن حفص ، روى هذا الحديث في معرض بيان المضمضة والاستنشاق في غسل الجنابة ، والحميدي رواه في بيان معرض مسح اليد بالتراب ، فحافظ على السياق وما استخرجه الشيوخ فيه مع ما فيه من التقوية والتأكيد . قلت : ها هنا فائدة أخرى ، وهي أن في الباب الأول دلك اليد على التراب ، وها هنا دلك اليد على الحائط وبينهما فرق .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله وما في السند من اللطائف ) أما رجاله فهم سبعة ، مثل رجال الحديث المذكور في الباب السابق غير أن شيخه ها هنا الحميدي عن سفيان بن عيينة وبقية الرجال متحدة .

                                                                                                                                                                                  ( وأما لطائفه ) ففيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع . وفيه : العنعنة في أربعة مواضع . وفيه رواية الأكثرين : حدثنا الحميدي ، وفي بعضها : حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، وفي بعضها : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير . قوله : " فغسل فرجه " . قال الكرماني : فإن قلت : الفاء للتعقيب وغسل الفرج ليس متعقبا على الاغتسال بل مقدم عليه ، وكذا الدلك والوضوء . قلت : الفاء تفصيلية ; لأن هذا كله تفصيل للاختصار المجمل ، والتفصيل يعقب المجمل وأخذ منه بعضهم ، وقال : هذه الفاء تفسيرية وليس بتعقيبية ; لأن غسل الفرج لم يكن بعد الفراغ ، انتهى . قلت : من دقق النظر وعرف أسرار العربية يقول : الفاء ها هنا عاطفة ولكنها للترتيب ، ومعنى الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل فرتب غسله فغسل فرجه ، ثم توضأ ، وكون الفاء للتعقيب لا يخرجها عن كونها عاطفة ، وبيان الأحكام قد مر مستقصى .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية