الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4848 75 - حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا ابن جريج ، قال : سمعت نافعا يحدث أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول : نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض ، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله ، أو يأذن له الخاطب .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في شقه الثاني ، ومكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد ، ويقال : ابن فرقد بن بشير البرجمي التميمي الحنظلي البلخي ، يكنى أبا السكن ، قال البخاري : توفي سنة أربع عشرة أو خمس عشرة ومائتين ، وقال الكرماني : ومكي بلفظ المنسوب إلى مكة المشرفة . قلت : ظنه منسوبا ولم يدر أنه اسمه ، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، والشطر الأول من الحديث قد مر في كتاب البيوع في باب لا يبع على بيع أخيه ، من حديث ابن عمر مختصرا ، أو مر الكلام فيه هناك ومر فيه بكماله من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( ولا يخطب ) بالنصب ولا زائدة ، وبالرفع نفيا ، وبالكسر نهيا بتقدير قال مقدرا عطفا على نهي أي نهى ، وقال : لا يخطب ، قوله : ( أخيه ) يتناول الأخ النسبي والرضاعي والديني ، قوله : ( أو يأذن له الخاطب ) أي حتى يأذن الأول للثاني ، وقيل : هذا النهي منسوخ بخطبة الشارع لأسامة فاطمة بنت قيس على خطبة معاوية وأبي جهم ، وفقهاء الأمصار على عدم النسخ وأنه باق وخطبة الشارع كانت قبل النهي ، وأغرب أبو سليمان فقال : إن هذا النهي للتأديب لا للتحريم ، ونقل عن أكثر العلماء أنه لا يبطل ، وعند داود بطلان نكاح الثاني ، والأحاديث دالة على إطلاق التحريم ، وقد أخرج مسلم من حديث عقبة بن عامر أنه صلى الله عليه وسلم قال : " لا يحل لمؤمن أن يخطب على خطبة أخيه حتى يذر ، ولا يحل له أن يبتاع على بيع أخيه حتى يذر " ، وهو قول ابن عمر وعقبة بن عامر وابن هرمز ، وقال ابن العربي : اختلف علماؤنا هل الحق فيه لله عز وجل أو للخاطب ، فقيل بالأول فيتحلل فإن لم يفعل فارقها ، قاله ابن وهب . وقيل : إن انهي في حال رضا المرأة به وركونها إليه ، وبه فسر في الموطإ دون ما إذا لم يركن ولم يتفقا على صداق ، وقال أبو عبيد : هو وجه الحديث ، وبه يقول أهل المدينة وأهل العراق ، واستثنى ابن القاسم من النهي ما إذا كان الخاطب فاسقا وهو مذهب الأوزاعي ، واستثنى ابن المنذر فيما إذا كان الأول كافرا وهو خلاف قول الجمهور ، والحديث خرج على الغالب ولا مفهوم له ، وقال ابن نافع : يخطب وإن رضيت بالأول حتى يتفقا على صداق ، وخطأه ابن حبيب ، وقالت الشافعية والحنابلة : محل التحريم ما إذا صرحت المخطوبة أو وليها الذي أذنت له حيث يكون إذنها معتبرا بالإجابة فلو وقع التصريح بالرد فلا تحريم ولم يعلم الثاني بالحال فيجوز الهجوم على الخطبة ; لأن الأصل الإباحة ، وعند الحنابلة في ذلك روايتان وإن وقعت الإجابة بالتعريض كقولها : لا رغبة عنك ، فقولان عند الشافعية الأصح وهو قول المالكية والحنفية لا يحرم أيضا ، وإذا لم ترد ولم تقبل فيجوز .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية