الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  814 ( وكان أنس ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وهو تعليق وصله مسدد في مسنده الكبير من طريق سعيد عن قتادة ، قال : كان أنس رضي الله تعالى عنه ، فذكره ، وقال فيه : ويعيب على من يتوخى ذلك أن لا ينفتل إلا عن يمينه ويقول : يدور كما يدور الحمار . ويدل عليه ما رواه ابن ماجه بسند صحيح عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفتل عن يمينه وعن يساره في الصلاة . وكذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث قبيصة بن هلب عن أبيه قال : أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ينصرف عن جانبيه جميعا . وأخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي ، وقال : صح الأمران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولفظ أبي داود : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن قبيصة بن هلب - رجل من طيئ - عن أبيه ، أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان ينصرف مع شقيه ، يعني مع جانبيه يعني تارة عن يمينه وتارة عن شماله ، ولفظ الترمذي : حدثنا قتيبة ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن قبيصة بن هلب ، عن أبيه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف على جانبيه ; على يمينه وشماله . وقال : حديث حسن ، وعليه العمل عند أهل العلم أنه ينصرف على أي جانبيه شاء ; إن شاء عن يمينه ، وإن شاء عن يساره ، ويروى عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال : إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه ، وإن كانت حاجته عن يساره أخذ عن يساره . وهلب ، بضم الهاء وسكون اللام ، وقيل : الصواب فيه فتح الهاء وكسر اللام ، وذكر بعضهم فيه ضم الهاء وفتحها وكسرها ، واسمه يزيد بن عدي بن قنافة ، ويقال : يزيد بن علي بن قنافة ، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقرع فمسح رأسه فنبت شعره ، فسمي هلبا .

                                                                                                                                                                                  ( فإن قلت ) : روى مسلم عن أنس من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي قال : سألت أنسا كيف أنصرف إذا صليت ; أعن يميني أو عن يساري ؟ قال : أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه . فهذا ظاهره يخالف أثر أنس المذكور . ( قلت ) : لا نسلم ذلك ، لأنه لا يدل على منع الانصراف عن الشمال أيضا ، غاية ما في الباب أنه يدل على أن أكثر انصرافه صلى الله عليه وسلم كان عن يمينه ، وعيب أنس رضي الله تعالى عنه كان على من يتوخى ذلك ، أي : يقصد ويتحرى ذلك ، فكأنه يرى تحتمه ووجوبه ، وأما إذا لم يتوخ ذلك فيستوي فيه الأمران ، ولكن جهة اليمين تكون أولى . قوله : " يتوخى " ، بتشديد الخاء المعجمة . قوله : " أو يعمد " شك من الراوي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية