الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5724 6072 - وقال محمد بن عيسى: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=655610كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتنطلق به حيث شاءت. [فتح: 10 \ 489]
ذكر فيه حديث حارثة بن وهب الخزاعي - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=655610 "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضاعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار؟ كل جواظ عتل مستكبر".
(وهذا سلف في التفسير، ويأتي في الأيمان والنذور ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا. ثم قال:) وقال محمد بن عيسى: ثنا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم، أنا nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=655610كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتنطلق به حيث شاءت.
وهذا يشبه أن يكون أخذه عن شيخه محمد بن عيسى مذاكرة، وهو ابن الطباع أبو جعفر أخو إسحاق ويوسف، نزل أذنة، روى عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره وعنه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=14273والدارمي، خرج له nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه أيضا،
[ ص: 422 ] وعلق له nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري كما ترى، وكان حافظا مكثرا فقيها. قال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود: كان يحفظ نحوا من أربعين ألف حديث. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: ثقة مأمون ما رأيت أحفظ منه للأبواب، مات سنة أربع وعشرين ومائتين .
وذكر الحافظ أبو سعيد النيسابوري في "شرف المصطفى" التأليف الكبير أن nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان روى عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=693163إن كانت الوليدة من ولائد المدينة لتجيء فتأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتذهب به، فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت. وعزاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال إلى رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن علي بن زيد به، بزيادة: حتى تكون هي تنزعها.
قال: وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة، عن nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب، عن فضيل الفقيمي، عن nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة، عن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=657139nindex.php?page=treesubj&link=18682 "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" فقال رجل: إن الرجل ليحب أن يكون ثوبه (حسن) ونعله (حسن) . قال: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق وغمص الناس" . وروى nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاصي: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=664786 "إن المستكبرين يحشرون يوم القيامة أمثال الذر على صورة الناس (يطؤهم) كل شيء من الصغار، يساقون حتى يدخلوا سجنا في النار يسقون من طينة الخبال
عصارة أهل النار" .
[ ص: 423 ] فإن قلت: فقد وصف - عليه السلام - العتل الجواظ المستكبر أنه من أهل النار، فبين لنا تكبره، على من هو؟ قيل: هو الذي باطنه منطو على التكبر على الله، فهذا كافر لا شك في كفره، وذلك هو الكبر الذي عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله، في حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: nindex.php?page=hadith&LINKID=664291 "لا يدخل الجنة من كان في قلبه (مثقال حبة) من كبر".
فإن قلت: فقد وصفت الكبر بغير ما وصفه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذلك أنك رويت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=930592 "الكبر من سفه الحق، وغمص الناس وازدرى الحق" ووصفت أنت الكبر: أنه التكبر على الله.
قيل: الكبر الذي وصفناه هو خلاف خشوع القلب لله، ولا ينكر أن يكون من الكبر ما هو استكبار على غير الله، والذي قلنا من معنى الكبر على الله، فإنه غير خارج من معنى ما روينا عنه، أنه من غمص الناس وازدراء الحق، وذلك أن معتقد الكبر على ربه لا شك أنه للحق مزدر وللناس أشد استحقارا.
ومما يدل على أن المراد بمعنى الآثار في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري، عن يونس، عن nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب، عن عمرو بن الحارث أن
[ ص: 424 ] دراجا أبا السمح حدثه، عن nindex.php?page=showalam&ids=2737أبي الهيثم، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=692144 "من تواضع لله درجة رفعه الله درجة، ومن تكبر على الله درجة يضعه الله درجة، حتى يجعله في أسفل سافلين" فدل هذا الحديث أن غمص الناس وحقر الناس (استكبار) على الله.
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة، عن nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وعلي بن زيد، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيما يحكيه عن ربه - عز وجل - : nindex.php?page=hadith&LINKID=687923 "الكبرياء ردائي، فمن نازعني ردائي قصمته" فالمستكبر على الله لا شك أنه منازعه رداءه، ومفارق دينه، وحرام عليه جنته، كما قال - عليه السلام - أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=657333 "لا يدخلها إلا نفس مسلمة" ومن لم يخشع لله قلبه فهو عليه مستكبر إذ معنى الخشوع التواضع، وخلافه التكبر والتعظم. فالحق على كل مكلف إشعار قلبه الخشوع بالذلة، والاستكانة له بالعبودية; خوف أليم عقابه. وقد روي عن محمد بن علي أنه قال: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر إلا نقص من عقله مثله، قل ذلك أو كثر .
[ ص: 425 ] والجواظ: الرجل الجافي الغليظ. وقيل: القصير البطين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: الجواظ: الجعظري، الكثير اللحم (العظيم) البطن، الغليظ العنق. وقال الجوهري: هو الضخم المختال في مشيته، وكذا عند nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس والهروي، وقال أحمد بن عبيد: هو الجموع المنوع.
وقوله: ("كل ضعيف متضاعف") قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي: الضعيف في جسمه وماله و (لسانه) ، والمتضاعف: المتواضع. وفي "الصحاح": الضعيف في بدنه، (والمضعف) في ذاته . وقال القزاز: ضعيف في جسمه; لاجتهاده في عبادته، قوي في طاعته وتصرفه.
وقوله: ("لو أقسم على الله لأبره") أي: لو أقسم عليه: لتفعلن ما أحب لأبر قسمه. أي: فعل له ما يكون بفعله قد أبر قسمه.