الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3915 - وقد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، قال : أنا حميد ، عن بكر بن عبد الله ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة ملبين بالحج .

                                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء فليجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي
                                                        .

                                                        فأخبر ابن عمر رضي الله عنهما في حديث بكر هذا ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة ، وهو ملب بالحج .

                                                        وقد أخبر في حديث سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ ، فأحرم بالعمرة .

                                                        فهذا معناه - عندنا ، والله أعلم - أنه كان أحرم أولا بحجة ، على أنها حجة ، ثم فسخها فصيرها عمرة ، فلبى بالعمرة ، ثم تمتع بها إلى الحج ، حتى يصح حديث سالم وبكر هذين ، ولا يتضادان .

                                                        وفسخ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج الذي كان فعله وأمر به أصحابه ، هو بعد طوافهم بالبيت . قد ذكرنا ذلك في باب فسخ الحج ، فأغنانا ذلك عن إعادته ههنا .

                                                        فاستحال بذلك أن يكون الطواف الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله للعمرة ، التي انقلبت إليها حجته مجزيا عنه ، من طواف حجته التي أحرم بها بعد ذلك .

                                                        ولكن وجه ذلك عندنا - والله أعلم - أنه لم يطف لحجته قبل يوم النحر ؛ لأن الطواف الذي يفعل قبل يوم النحر في الحجة ، إنما يفعل للقدوم ، لا لأنه من صلب الحجة .

                                                        فاكتفى ابن عمر رضي الله عنهما بالطواف الذي كان فعله بعد القدوم في عمرته عن إعادته في حجته .

                                                        وهذا مثل ما قد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا من فعله .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية